للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاملِ التى اسْتَبانَ حَمْلُها قد دخلَ على بَصِيرةٍ، فلا يَخافُ ظُهورَ أمرٍ يَتجدَّدُ به النَّدمُ، وليست مُرْتابةً؛ لعَدَمِ اشْتباهِ الأمْرِ عليها، فإذا قال لها: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. فى هاتين الحالتَيْن، طَلُقَتْ؛ لأنَّه وَصَفَ الطَّلْقَةَ بصِفَتِها، فوَقَعَتْ (٦) فى الحالِ. وإن قال ذلك لحائضٍ، لم تقَعْ فى الحالِ؛ لأنَّ طلاقَها طلاقُ بِدْعةٍ. لكنْ إذا طَهُرتْ طَلُقَتْ؛ لأنَّ الصِّفةَ وُجِدَتْ حينئذٍ، فصارَ كأنَّه قال: أنتِ طالقٌ فى النَّهارِ. فإن كانت فى النَّهارِ طَلُقَتْ، وإن كانت فى اللَّيلِ طَلُقَتْ إذا جاءَ النَّهارُ. وإن كانت فى طُهرٍ جامعَها فيه، لم يَقَعْ حتى تَحِيضَ ثم تَطْهُرَ؛ لأنَّ الطُّهْرَ الذى جامعَها فيه والحيضَ بعدَه زمانُ بدعةٍ، فإذا طَهُرَتْ مِنَ الحَيْضةِ المُسْتقبَلَةِ، طَلُقَتْ حينئذٍ؛ لأنَّ الصِّفةَ وُجِدَتْ. وهذا كلُّه مذهبُ الشَّافعىِّ، وأبى حنيفةَ، ولا أعلمُ فيه مُخالِفًا. فإن أوْلَجَ فى آخرِ الحَيْضَةِ (٧)، واتَّصلَ بأوَّلِ الطُّهرِ، أو أوْلَجَ مع أوَّلِ الطُّهرِ، لم يَقَعِ الطَّلاقُ فى ذلك الطُّهْرِ، لكنْ متى جاء طُهْرٌ لم يُجامِعْها فيه، طَلُقَتْ فى أوَّلِه. وهذا كله مذهبُ الشَّافعىِّ، ولا أعلمُ فيه مُخالِفًا.

فصل: إذا انْقَطعَ الدَّمُ مِنَ الحَيْضِ، فقد دخلَ زمانُ السُّنَّةِ، ويَقعُ عليها طلاقُ السُّنَّةِ وإن لم تَغتسلْ. كذلك قال أحمدُ. وهو ظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ. وبه قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن طَهُرَتْ لأكْثرِ الحَيْض مثلَ ذلك، وإن انقطعَ الدَّمُ لِدُونِ أكْثرِه، لم يَقَعْ حتى تَغتسلَ، أو تَتيمَّمَ عندَ عدمِ الماءِ وتُصَلِّىَ، أو يَخْرُجَ عنها وقتُ صلاةٍ؛ لأنَّه متى لم يُوجَدْ ذلك (٨)، فما حكَمْنا بانْقطاعِ حَيْضِها. ولَنا، أنَّها طاهرٌ. فوقَعَ بها طلاقُ السُّنَّةِ، كالتى طَهُرَتْ لأكثرِ الحَيْض؛ والدَّليلُ على أنها طاهرٌ، أنَّها تُؤْمرُ بالغُسْلِ، ويَلْزَمُها ذلك، ويَصِحُّ منها، وتُؤْمَرُ بالصَّلاةِ، وتَصِحُّ صلاتُها، ولأنَّ فى حديثِ ابنِ عمرَ: "فإذَا طَهُرَتْ، طَلَّقَها إنْ شَاءَ". وما قالَه غيرُ صحيحٍ، فإنَّنا لو لم نَحْكُمْ بالطُّهرِ، لمَا أُمرْناها بالغُسْلِ، ولا صَحَّ منها.


(٦) فى أ: "فطلقت".
(٧) فى أ، ب، م: "الحيض".
(٨) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>