للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زِيادةٍ (٤٠) على النِّصْفِ، إيجابًا لزِيادةٍ على أقَلِّ الزَّكاةِ، فيكون مُضِرًّا. ويُعْتَبَرُ الغِنَى والتَّوَسُّطُ عندَ رأسِ الحَوْلِ؛ لأنَّه حالُ الوُجُوبِ، فاعْتُبِرَ الحالُ عندَه، كالزكاةِ. وإن اجْتَمَعَ من عَدَدِ العاقلةِ في دَرَجةٍ واحدةٍ عَدَدٌ كثيرٌ، قُسِمَ الواجبُ على جَمِيعِهم. فيُلْزِمُ الحاكمُ كلَّ إنْسانٍ على حَسبِ ما يَراه وإن قَلَّ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، يَجْعَلُ على المُتَوَسِّطِ نِصْفَ ما على الغَنِىِّ، ويَعُمُّ بذلك جَمِيعَهم. وهذا أحَدُ قَوْلَىِ الشافعيِّ. وقال في الآخَرِ: يَخُصُّ الحاكمُ مَنْ شاءَ منهم، فيَفْرِضُ عليهم هذا القَدْرَ الواجِبَ، لئلَّا يَنْقُصَ عن القَدْرِ الواجِبِ، ويَصِيرَ إلى الشىءِ التَّافِه، ولأنَّه يَشُقُّ، فربَّما أَصابَ كلَّ واحدٍ قِيراطٌ، فيَشُقَّ جَمْعُه. ولَنا، أنَّهم اسْتَوَوْا في القَرابةِ، فكانوا سواءً، كما لو قَلُّوا، وكالمِيراثِ. وأمَّا التّعَلُّقُ بمَشَقَّةِ الجَمْعِ فغيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ مَشَقَّةَ زِيادَةِ الواجِبِ أعْظَمُ من مَشَقَّةِ الجَمْعِ، ثم هذا تعَلُّقٌ بالحِكْمةِ من غير أصْلٍ يَشْهَدُ لها، فلا يُتْرَكُ لها الدَّلِيلُ، ثم هي مُعارَضَةٌ بخِفَّةِ الواجِبِ على كلِّ واحدٍ، وسُهُولةِ الواجِبِ عليهم، ثم لا يَخْلُو من أن يَخُصَّ الحاكمُ بعضَهم بالاجْتِهادِ أو بغير اجْتهادٍ، فإن خَصَّه بالاجْتهادِ [ففيه مَشَقَّةٌ عليه] (٤١)، وربَّما لم يَحْصُلْ له مَعْرِفةُ الأَوْلَى منهم بذلك، فيتَعَذَّرُ الإِيجابُ، وإن خَصَّه بالتَّحَكُّمِ أفْضَى إلى أنَّه يَتَخَيَّرُ (٤٢) بين أن يُوجِبَ على إنسانٍ شَيْئًا بشَهْوَتهِ من غيرِ دليلٍ، وبين أن لا يُوجِبَ عليه، ولا نَظِيرَ له، وربَّما ارْتَشَى من بعضِهم واتُّهِمَ (٤٣)، وربَّما امْتَنَعَ مَنْ فَرَضَ عليه شيئًا (٤٤) من أدائِه؛ لكَوْنِه يَرَى مثلَه لا يُؤَدِّى شيئا مع التَّسَاوِى من كلِّ الوُجُوهِ.

فصل: ومَنْ مات من العاقِلَةِ، أو افْتَقَرَ، أو جُنَّ، قبلَ الحَوْلِ، لم يَلْزَمْه شيءٌ. لا


(٤٠) في الأصل: "زيادته".
(٤١) في م: "فعليه فيه مشقة".
(٤٢) في م: "يخير".
(٤٣) سقط من: م.
(٤٤) في م: "شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>