للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّهم من أهْلِ اللَّفْظِ بالعَقْدِ، وعِبارَتُهم فيه صَحِيحةٌ، ولذلك صَحَّ قَبُولُهم النِّكاحَ لأنْفُسِهِم، وإنَّما سُلِبُوا الوِلَايةَ نَفْسَها؛ لأنَّه يُعْتَبرُ لها الكمالُ، ولا حاجةَ إليه فى اللَّفْظِ به. فأمَّا إن وَكَّلَه الزَّوْجُ فى قَبُولِ النكاحِ له، أو وَكَّله الأبُ فى قَبُولِ النِّكاحِ لابْنه الصَّغِيرِ، فقال أصْحابُنا: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه أحَدُ طَرَفَى العَقْدِ، فلم يَجُزْ تَوْكِيلُه فيه كالإيجابِ. ويَحْتَمِلُ جَوازُ تَوْكيلِ مَنْ ذَكَرْنا فيه؛ لأنَّهم من أهْلِه، ويَصِحُّ قَبُولُهُم النِّكاحَ لأنْفُسِهِم، فجاز أن يَنُوبُوا فيه عن غيرِهم، كالبيعِ. وهذا أحدُ الوَجْهَيْنِ لأصحابِ الشَّافعىِّ فى العَبْدِ (٢٨).

١١١٠ - مسألة؛ قال: (ويُزَوَّجُ أَمَةَ الْمَرْأَةِ بإذْنِهَا مَنْ يُزَوِّجُهَا)

اخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ فى مَن يُزَوِّجُ أمةَ المرأةِ، فرُوِىَ عنه، أنَّه يَلِى نكاحَها [وَلِىُّ سَيِّدَتِها] (١). قال القاضى: هذا هو الصحيحُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّ مُقْتَضَى الدَّليلِ كَوْنُ الولايةِ لها، فامْتَنَعتْ فى حَقِّها لقُصُورِها، فتَثْبُتُ لأَوْليائِها، كوِلايةِ نَفْسِها، ولأنَّهم يَلُوَنَها لو عَتَقَتْ، ففى حال رِقِّها أَوْلَى. ثم إن كانتْ سَيّدَتُها رَشِيدةً، لم يَجُزْ تَزْوِيجُ أُمَتِها إلَّا بإذْنِها؛ لأنَّها مالُها، ولا يجوزُ التَّصَرُّفُ فى مالِ رَشِيدٍ بغيرِ إذْنِه، ويُعْتَبرُ نُطْقُها بذلك وإن كانت بِكْرًا؛ لأنَّ صُمَاتَها إنَّما اكْتُفِىَ به فى تَزْويِج نَفْسِها لحيائِها، ولا تَسْتَحْيِى من تَزْويج أمَتِها، وإن كانت صغيرةً أو مجنونةً أو سَفِيهةً، ولوَلِيِّها ولايةٌ على مالِها، فله تَزْويجُ أَمَتِها، إن كان الحَظُّ فى تَزْويجِها، وإلَّا فلا يَمْلِكُ تزويجَها. وكذلك الحكمُ فى أُمَةِ ابْنِه الصغيرِ (٢). وقال بعضُ الشافعيةِ: ليس له تَزْوِيجُها بحالٍ؛ لأنَّ فيه تَغْرِيرًا بمالِ الصغيرةِ (٣)؛ لأنَّها ربَّما حَمَلَتْ فتَلِفَتْ. ولَنا، أَنَّ له التَّصَرُّف بما فيه الْحَظُّ، والتَّزْويجُ ها هنا فيه الحظُّ؛ لأنَّ الكلامَ فيه، فجَازَ، كسائرِ التَّصَرُّفاتِ


(٢٨) فى م: "العدة".
(١) فى م: "والى سيادتها".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) فى أ، ب، م: "الصغير".

<<  <  ج: ص:  >  >>