للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له ذلك؛ لأنَّه قد أسْقَطَ حقَّه مِن إقامتِها، ولأنَّ تَجْويزَ إقامتِها يفْتحُ بابَ الحِيلَةِ؛ لأنَّه يقولُ: لا أُريدُ إقامتَها. ليَحْلِفَ خَصْمُه، ثم يُقِيمُها. فإن كان له شاهدٌ واحدٌ فى الأموالِ، عرَّفَه الحاكمُ أنَّ له أن يَحْلِفَ مع شاهِدِه، ويَسْتحِقُّ، فإن قال: لا أحْلِفُ أنا، وأرْضَى بيَمِينِه. اسْتُحْلِفَ له (٦٣)، فإذا حلَفَ، سقطَ الحقُّ عنه، فإن عادَ المُدَّعِى بعدَها، وقال: أنا أحْلِفُ مع شاهِدِى. لم يُستَحْلَفْ، ولم يُسْمَعْ منه. ذكرَه القاضى. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّ اليَمِينَ فِعْلُهُ وهو قادرٌ عليها، فأمْكَنَه أن يسقِطَها، بخِلافِ البَيِّنَةِ. وإن عادَ قبلَ أن يَحْلِفَ المُدَّعَى عليه، فبذَلَ اليَمِينَ، فقال القاضى: [لم يكُنْ] (٦٤) له ذلك فى هذا المجلس. وكلُّ موضعٍ قُلْنا: يُسْتَحْلَفُ المُدَّعَى عليه. فإنَّ الحاكمَ يقولُ له: إن حَلَفْتَ، وإلَّا جَعَلْتُك ناكِلًا، وقَضَيْتُ عليك. ثلاثًا، فإن حلَفَ، وإلَّا حَكمَ عليه بنُكُولِه إذا سألَه المُدَّعِى ذلك. فإن سكَتَ عن جَوابِ الدَّعوَى، فلم يُقِرَّ ولم يُنْكِرْ، حبَسَه الحاكمُ حتى يُجِيبَ، ولا يَجْعَلُه بذلك ناكِلًا. ذكرَه القاضى، فى "المُجَرَّدِ". وقال أبو الخَطَّابِ: يقولُ له الحاكمُ: إن أجَبْتَ، وإلَّا جَعلتُك ناكِلًا، وحكمتُ عليك. ويُمَرِّرُ ذلك عليه ثلاثًا (٦٥)، فإن أجابَ وإلَّا جعَلَه ناكِلًا، وحكَمَ عليه؛ لأنَّه ناكِلٌ عما تَوَجَّه عليه الجوابُ فيه، فيُحْكَمُ عليه بالنُّكولِ عنه، كاليَمِينِ.

١٨٧٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا حَكَمَ عَلَى رَجُلٍ فِى عَمَلِ غَيْرِهِ، فَكَتَبَ بِإنْفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ إلَى قَاضِى ذَلِكَ الْبَلَدِ، قَبِلَ كِتَابَهُ، وَأَخَذَ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْحَقِّ)

الأَصْلُ (١) فى كتابِ القاضى إلى القاضى، والأميرِ إلى الأميرِ، الكتابُ والسُّنَّةُ والإِجْماعُ؛ أما الكتابُ فقولُ اللهِ تعالى: {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} (٢). وأمَّا السُّنَّةُ، فإنَّ


(٦٣) فى الأصل: "لها".
(٦٤) فى م: "ليس".
(٦٥) سقط من: ب، م.
(١) قبل هذا فى م زيادة: "ثم".
(٢) سورة النمل ٢٩ - ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>