للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكاحِ، فلا يَنْعَقِدُ به، كالذى ذكَرْنا؛ وهذا لأنَّ الشّهادةَ شَرْطٌ [فى النِّكاحِ] (١٤)، والكِنَايةُ إنَّما تُعْلَمُ (١٥) بالنِّيَّةِ، ولا يُمْكِنُ الشَّهادةُ على النِّيَّةِ، لعَدَمِ اطِّلَاعِهِم عليها، فيَجِبُ أن لا (١٦) يَنْعَقِدَ، وبهذا فارَقَ بَقِيّةَ العُقُودِ والطَّلاقِ. وأمَّا الخبرُ، فقد رُوِىَ: "زَوَّجْتُكَها" و"أنْكَحْتُكَهَا" و"زَوَّجْنَاكَهَا". من طُرُقٍ صحيحةٍ. والقِصّةُ واحدةٌ، والظاهرُ أن الرَّاوِىَ رَوَى بالمَعْنَى ظَنًّا منه أَنَّ مَعْناها (١٧) واحدٌ، فلا تكونُ حُجَّةً، وإن كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَمَعَ بين الألفاظِ، فلا حُجّةَ لهم فيه؛ لأنَّ النِّكاحَ انْعَقدَ بأحَدِها، والباقى فَضْلَةٌ.

فصل: ومن قَدَرَ على لفظِ النِّكاحِ بالعَرَبِيَّةِ، لم يَصِحَّ عَقْدُهُ (١٨) بغيرِها. وهذا أحدُ قَوْلَى (١٩) الشافعىِّ. وعند أبى حنيفةَ: يَنْعَقِدُ؛ لأنَّه أتَى بلَفْظِه الخاصِّ، فانْعَقَدَ به، كما ينْعَقِدُ بلَفْظِ العَرَبِيَّةِ. ولَنا، أنَّه عَدَلَ عن لَفْظِ الإِنْكاحِ والتَّزْويجِ مع القُدْرَةِ، فلم يَصِحَّ، كلَفْظِ الإِحْلالِ. فأمَّا مَنْ لا يُحْسِنُ العربيَّةَ، فيَصِحُّ منه عقدُ النِّكاحِ بلِسَانِه؛ لأنَّه عاجِزٌ عمَّا سِوَاه، فسَقَطَ عنه كالأخْرَسِ، ويَحْتاجُ أن يَأْتِىَ بمَعْناهما الخاصِّ، بحيث يَشْتَمِلُ على معنى اللَّفْظِ العَرَبىِّ. وليس على مَنْ لا يُحْسِنُ العربيةَ تَعَلُّمُ ألفاظِ النّكاحِ بها. وقال أبو الخَطَّابِ: عليه أن يَتَعَلَّم؛ لأنَّ (١٨) ما كانت العربيَّةُ شَرْطًا فيه، لَزِمَه أن يتعَلَّمها مع القُدْرةِ، كالتَّكْبِيرِ. ووَجْهُ الأوَّلِ أَنَّ النِّكاحَ غيرُ واجبٍ، فلم يَجِبْ تعلُّمُ أرْكانِه بالعربيَّةِ كالبَيْعِ، بخِلافِ التَّكْبيرِ. فإنْ كان أحدُ العاقِدَيْن (٢٠) يُحْسِنُ العربيَّةَ دُونَ


(١٤) فى الأصل: "للنكاح".
(١٥) فى أ، ب: "تعمل".
(١٦) سقط من: ب، م.
(١٧) فى الأصل، ب: "معناهما".
(١٨) سقط من: م.
(١٩) فى الأصل، ب: "أقوال".
(٢٠) فى أ، م: "المتعاقدين".

<<  <  ج: ص:  >  >>