للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْسَها ممَّن كانتْ فِراشًا له، فأجْزَأ (٢٤) ذلك، كما لو (٢٥) اسْتَبْرأتْ نَفْسَها من سَيِّدِها إذا كانتْ خالِيَةً من زَوجٍ. وإن اشْتراها، وهى مُعْتَدَّةٌ من زَوْجِها، لم يجبْ [عليها استبراءٌ؛ لأنَّها] (٢٦) لم تكُنْ فِراشًا لسيِّدِها، وقد حَصَلَ الاسْتِبْراءُ من الزَّوجِ بالعِدَّةِ، ولذلك لو عَتَقَتْ في هذه الحال، لم يجبْ عليها اسْتِبْراءٌ. وقال أبو الخطَّاب، في المُزَوَّجةِ: هل يَدْخُلُ الاسْتِبْراءُ في العِدَّةِ؟ على وَجْهَيْن. وقال القاضي، في المُعْتَدَّةِ: يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِبْراؤُها بعدَ قَضاءِ العِدَّةِ، ولا يتداخَلان؛ لأنَّهما من رَجُلَيْنِ. ومَفْهُومُ كلامِ أحمدَ ما ذكَرْناه أوّلًا؛ لأنَّه عَلَّلَ فيما قبلَ الدُّخولِ بأنَّها حِيلَةٌ وضَعَها أهلُ الرَّأْىِ، ولا يُوجَدُ ذلك ههُنا، ولا يَصِحُّ قولُهم: إنَّ الاسْتِبْراءَ من رَجُلَيْنِ. فإنَّ السَّيِّدَ ههُنا ليس له استِبْراءٌ.

فصل: وإن كانت الأمَةُ لرَجُلَيْنِ، فوَطِئاها، ثم باعاها لرجلٍ، أجْزَأه اسْتِبْراءٌ واحدٌ؛ لأنَّه يَحْصُلُ به مَعْرِفةُ البَراءةِ. فإن قِيلَ: فلو أعْتَقَها لأَلْزَمْتُمُوها استبراءَيْنِ. قُلْنا: وُجوبُ الاسْتِبْراءِ في حَقِّ المُعْتَقَةِ مُعَلَّلٌ بالوَطْءِ، ولذلك لو أعْتَقَها وهى ممَّن لا يَطَؤُها، لم يَلْزَمْها اسْتِبْراءٌ، وقد وُجِدَ الوَطْءُ من اثْنَيْنِ، فلَزِمَها حُكْمُ وَطْئِهِما، وفي مسألَتِنا هو (٢٧) مُعَلَّلٌ بتَجْدِيدِ المِلْكِ لا غيرُ، ولهذا يجبُ على المُشْترِى الاسْتِبْراءُ، سواءٌ كان سَيِّدُها يَطَؤُها أو لم يكُنْ، والمِلْكُ واحدٌ، فوَجَبَ أن يتجَدَّدَ الاسْتِبْراءُ.

فصل: وإذا اشْترَى الرجلُ زَوْجَتَه الأمَةَ، لم يَلْزَمْه اسْتِبْراؤُها؛ لأنَّها فِرَاشٌ له، فلم يَلْزَمْه اسْتِبْراؤُها من مائِه، لكن يُسْتَحَبُّ ذلك؛ ليعلمَ هل الولدُ من النكاحِ فيكونُ عليه ولاءٌ له، لأنَّه عَتَقَ بمِلْكِه له، ولا تَصيرُ به الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ، أو هو حادِثٌ في مِلْكِ يَمِينِه، فلا يكونُ عليه ولاءٌ، وتصيرُ به الأمَةُ أُمَّ وَلَدٍ؟ ومتى تَبَيَّنَ حَمْلُها، فله وَطْؤُها؛ لأنَّه قد عُلِمَ الحَمْلُ، وزال الاشْتِباهُ.


(٢٤) في الأصل، أ، م: "فأجزأت".
(٢٥) في م زيادة: "كانت".
(٢٦) في الأصل، ب: "عليه الاستبراء".
(٢٧) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>