للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ومن تَرَكَ الرَّمْىَ من غيرِ عُذْرٍ، فعليه دَمٌ. قال أحمدُ: أعْجَبُ إلَىَّ إذا تَرَكَ رَمْىَ (٩) الأَيَّامِ كُلِّها كان عليه دَمٌ. وفى تَرْكِ جَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ دَمٌ أيضًا. نَصَّ عليه أحمدُ. وبهذا قال عَطَاءٌ، والشَّافِعِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ عن مَالِكٍ أنَّ عليه فى جَمْرَةٍ أو الجَمَرَاتِ كلِّها بَدَنَةً. قال الحسنُ: مَن نَسِىَ جَمْرَةً واحِدَةً يَتَصَدَّقُ على مِسْكِينٍ. ولَنا، قولُ ابنِ عَبّاسٍ: من تَرَكَ شيئا من مَنَاسِكِه فعليه دَمٌ. ولأنَّه تَرَكَ من مَنَاسِكِه ما لا يَفْسُدُ الحَجُّ بِتَرْكِهِ، فكان الوَاجِبُ عليه شاةً كالمَبِيتِ. وإن تَرَكَ أقَلَّ من جَمْرَةٍ، فالظَّاهِرُ عن أحمدَ أنَّه لا شىءَ عليه، فى حَصَاةٍ، ولا فى (١٠) حَصَاتَيْنِ. وعنه، أنَّه يَجِبُ الرَّمْىُ بِسَبْعٍ (١٠). فإن تَرَكَ شيئًا من ذلك، تَصَدَّقَ بشىءٍ، أيِّ شىءٍ كان. وعنه، أنَّ فى كلِّ (١١) حَصَاةٍ دَمًا. وهو مذهبُ مَالِكٍ، واللَّيْثِ؛ لأنَّ ابنَ عَبَّاسٍ، قال: من تَرَكَ شيئا من مَنَاسِكِه فعليه دَمٌ (١٢). وعنه: فى الثَّلاثةِ دَمٌ. وهو مذهبُ الشًافِعِىِّ. وفيما دون ذلك، فى كل حَصَاةٍ مُدٌّ. وعنه: دِرْهَمٌ (١٣). وعنه، نِصْفُ دِرْهَمٍ. وقال أبو حنيفةَ: إن تَرَكَ جَمْرَةَ العَقَبَةِ أو الجِمارَ كلَّها فعليه دَمٌ، وإن تَرَكَ غيرَ ذلك فعليه فى كلِّ حَصاةٍ نِصْفُ صَاعٍ، إلى أن يَبْلُغَ دَمًا. وقد ذَكَرْنَا ذلك. وآخِرُ وَقْتِ الرَّمْىِ آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فمتى خَرَجَتْ قبل رَمْيِهِ فاتَ وَقْتُه، واسْتَقَرَّ عليه الفِداءُ الوَاجِبُ فى تَرْكِ الرَّمْىِ. هذا قولُ أكْثَر أهْلِ العِلْمِ. وحُكِىَ عن عَطَاءٍ، في مَن رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، ثم خَرَجَ إلى إِبلِه فى ليلَةِ أرْبَعَ عَشَرَةَ، ثم رَمَى قبلَ طُلُوعِ الفَجْرِ، فإن لم يَرْمِ أهْرَقَ دَمًا. والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّ محلَّ الرَّمْىِ النَّهَارُ، فيَخْرُجُ وَقْتُ الرَّمْى بِخُرُوجِ النَّهَارِ، واللهُ أعْلمُ.


(٩) سقط من: أ، ب، م.
(١٠) سقط من: الأصل.
(١١) سقط من: الأصل، أ.
(١٢) تقدم تخريجه فى صفحة ٦٩.
(١٣) فى الأصل: "درهمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>