للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكثرُ أهلِ العِلْمِ؛ لِقَوْلِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا قال، أوْ أَتَى امْرَأةً (١١) في دُبُرِهُا، أوْ أتَى حَائِضًا، فَقَدْ كَفَرَ بمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ" رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (١٢)، ولم يذكرْ كَفَّارَةً، ولأنَّه وَطْءٌ نُهِىَ عنه لأجْلِ الأَذَى، فأشْبَهَ الوَطْءَ في الدُّبُرِ. ولِلشَّافِعِىِّ قولان كالرِّوَايَتَيْن. وحديثُ الكَفَّارَةِ مدَارُهُ على عبدِ الحميدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، وقد قيلَ لأحمدَ: في نَفْسِكَ منه شيءٌ؟ قال: نعمْ، ولأنَّه (١٣) مِن حديثِ فلان. أظُنُّه قال: عبد الحميد. وقال: لو صَحَّ ذلك الحديثُ عَن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كُنَّا نَرَى عليه الكفَّارَةَ. وقال في مَوْضِعٍ: ليس به بَأْسٌ، وقد رَوَى النَّاسُ عنه. فاخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ في الكَفَّارَةِ مَبْنِىٌّ على اخْتِلَافِ قَوْلِ أحمدَ في الحديثِ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ أنَّه قال: إنْ كانتْ له مَقْدِرَةٌ تَصَدَّقَ بما جاء عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقال أبو عبدِ اللهِ ابنُ حامِدٍ: كَفَّارَةُ وَطْءِ الحائِضِ تَسْقُطُ بالعَجْزِ عنها، أو عَنْ بَعْضِها، ككَفَّارَةِ الوَطْءِ في رمضانَ.

فصل: وفى قَدْرِ الكَفَّارَةِ روايتان: إحْداهُما، أنَّها دينارٌ، أو نصفُ دينار، على سبيلِ التَّخْيِيرِ، أيُّهُما أخْرَجَ أجْزَأَه، رُوِىَ ذلك عن ابْنِ عباسٍ. والثَّانِيةُ، أنَّ الدَّمَ إنْ كان أحمرَ فهى دينارٌ، وإنْ كان أصفرَ، فنِصْفُ دينارٍ. وهو قولُ إسحاقَ، وقال النَّخَعِىُّ: إنْ كان في فَوْرِ الدَّمِ فدينارٌ، وإنْ كان في آخِرِه فنِصْفُ دينارٍ؛ لِمَا رَوَى ابنُ عباسٍ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "إنْ كَانَ دَمًا أحْمَرَ فَدِينَارٌ، وإنْ كانَ دَمًا (١٤) أصْفَرَ فَنِصْفُ دِينَارٍ". رواه التِّرْمِذِىُّ (١٥). والأوَّلُ أصَحُّ. قال أبو داود: الرِّوايةُ


(١١) في م: "امرأته".
(١٢) في: باب النهى عن إتيان الحائض، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٠٩. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كراهية إتيان الحائض، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٢١٧. والدارمى، في: باب من أتى امرأته في دبرها، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ٢٥٩. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٤٠٨، ٤٢٩، ٤٧٦.
(١٣) في م: "لأنه".
(١٤) سقط من: الأصل.
(١٥) في: باب ما جاء في الكفارة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٢١٨. كما أخرجه الدارمي، في: باب من قال عليه كفارة، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي ١/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>