للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُشْرِكٍ. ولَنا، على أنَّها فُرْقةُ فَسْخٍ، أنَّها فُرْقةٌ باخْتِلافِ الدِّينِ، فكانتْ (٦) فَسْخًا، كما لو أسْلَم الزوجُ وأبَتِ المرأةُ، ولأنَّها فرقةٌ بغير لَفْظٍ، فكانت فَسْخًا، كفُرْقةِ الرَّضَاعِ.

الفصل الثانى: أَنَّ الفُرْقةَ إِذا حَصَلَتْ قبلَ الدُّخولِ بإسْلامِ الزَّوْجِ، فللمرأةِ نِصْفُ المُسَمَّى إِن كانت التَّسْمِيةُ صحيحةً، أو نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِها إن كانت فاسدةً، مثل أن يُصْدِقَها خَمْرًا أو خِنْزِيرًا؛ لأنَّ الفُرْقةَ حصَلتْ بفِعْلِه، وإن كانت بإسلامِ المرأةِ، فلا شىءَ لها؛ لأنَّ الفُرْقةَ من جِهَتِها. وبهذا قال الحسنُ، ومالكٌ، والزُّهْرِىُّ، والأوْزاعىُّ، وابن شُبْرُمةَ، والشافعىُّ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أَنَّ لها نِصْفَ المَهْرِ إذا كانت هى المُسْلِمةَ. واخْتارها أبو بكرٍ. وبه قال قَتادةُ، والثَّوْرِىُّ. ويَقْتَضِيه قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ الفُرْقةَ حصَلتْ من قِبَلِه بإبائِه الإسلامَ، وامْتِناعِه منه، وهى فَعَلَتْ ما فَرَضَ اللَّه عليها، فكان لها نِصْفُ ما فَرَضَ اللَّه لها، كما لو عَلَّقَ طَلَاقَها على الصَّلاةِ فصَلَّتْ. ونُقِلَ عن أحمدَ، فى مَجُوسِىِّ أسْلَمَ قبلَ أن يَدْخُلَ بامْرأتِه: لا شىءَ لها من الصَّدَاقِ. ووَجْهُها (٧) ما ذكرناه، ووَجْه الأُولَى (٨) أَنَّ الفُرْقةَ حصَلتْ باخْتِلافِ الدِّينِ، واختلافُ الدِّينِ حَصَلَ بإسْلامِها، فكانت الفُرْقةُ حاصِلةً بفِعْلِها، فلم يَجِبْ لها شىءٌ، كما لو ارْتَدّتْ، ويفارِقُ تَعْلِيقَ الطَّلاقِ، فإنَّه من جِهَةِ الزَّوْجِ، ولهذا لو عَلَّقَه على دُخُولِ الدارِ فدَخَلَتْ، وَقَعَتِ الفُرْقةُ، ولها نِصْفُ المَهْرِ.

الفصل الثالث: أَنَّ الزَّوْجينِ إذا أسْلَما معًا، فهما على النِّكاحِ، سواءٌ كان قبلَ الدُّخولِ أو بعدَه. وليس بين أهلِ العلمِ فى هذا اختلافٌ بحَمْدِ اللَّه. ذَكَر ابنُ عبد البَرِّ أنَّه إِجماعٌ من أهلِ العلمِ؛ وذلك لأنَّه لم يُوجَدْ منهم اختلافُ دِينٍ. وقد رَوَى أبو داود (٩)، عن ابن عباس، أن رَجُلًا جاء مُسْلِمًا على عهدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم جاءت امرأتُه


(٦) فى الأصل، أ، ب: "فكان".
(٧) فى أ، ب، م: "ووجهه". ووجهها. أى الرواية.
(٨) فى ب، م: "الأول".
(٩) فى: باب إذا أسلم أحد الزوجين، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>