للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكالبُقُولِ؛ لأنَّه يَخْتَلِفُ، ولا يمكنُ تَقْدِيرُ البَقْلِ بالحَزْمِ؛ لأنَّ الحَزْمَ يُمْكِنُ فى الصَّغِيرِ والكَبِيرِ، فلم يَصِحَّ السَّلَمُ فيه، كالجَوَاهِرِ. ونَقَلَ إسماعيلُ بنُ سعيدٍ وابنُ منصورٍ، جَوَازَ السَّلَمِ فى الفَوَاكِهِ، والسَّفَرْجَلِ، والرُّمَّانِ، واللَّوْزِ (٢٢)، والخَضْرَوَاتِ، ونحوِها؛ لأنَّ كَثِيرًا من ذلك ممَّا يَتَقَارَبُ ويَنْضَبِطُ بالصِّغَرِ والكِبَرِ، وما لا يَتَقَارَبُ يَنْضَبِطُ بالوَزْنِ، كالبُقُولِ ونحوِها، فصَحَّ السَّلَمُ فيه، كالمَزْرُوعِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ، والأَوْزَاعِيُّ. وحَكَى ابنُ المُنْذِرِ عن الشَّافِعِيِّ المَنْعَ من السَّلَمِ فى البَيْضِ والجَوْزِ. ولعلَّ هذا قولٌ آخَرُ، فيكونُ له فى ذلك قَوْلَانِ.

فصل: فأما السَّلَمُ فى الرُّءُوسِ والأَطْرَافِ، فيُخَرَّجُ فى صِحَّةِ السَّلَمِ فيها الخِلَافُ الذى ذَكَرْنَا. وللشَّافِعِيِّ فيها قَوْلَانِ أيضا، كالرِّوَايَتَيْنِ؛ أحدُهما: يجوزُ. وهو قولُ مَالِكٍ، والأوْزَاعِيِّ، وأبي ثَوْرٍ؛ لأنَّه لَحْمٌ فيه عَظْمٌ يجوزُ شِرَاؤُه، فجَازَ السَّلَمُ فيه، كبَقِيَّةِ اللَّحْمِ. والآخَر، لا يجوزُ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ أكْثَرَهُ العِظَامُ والمَشَافِرُ، واللَّحْمُ فيه قَلِيلٌ، وليس بَمَوْزُونٍ، بخِلَافِ اللَّحْمِ. فإن كان مَطْبُوخًا، أو مَشْوِيًّا، فقال الشَّافِعيُّ: لا يَصِحُّ السَّلَمُ فيه. وهو قِياسُ قولِ القاضى؛ لأنه يَتَنَاثَرُ ويَخْتَلِفُ. وعلى قَوْلِ غيرِ القاضى من أصْحابِنَا، حُكْمُ مَا مَسَّتْهُ النَّارُ من ذلك حُكْمُ غيره. وبه قال مَالِكٌ، والأَوْزَاعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ. والعَقْدُ يَقْتَضِيهِ سَلِيمًا من التَّأثُّرِ، والعادَةُ فى طَبْخِه تَتَفَاوَتُ، فأشْبَهَ غيرَه.

فصل: وفى الجُلُودِ من الخِلَافِ مثلُ ما فى الرُّءُوسِ والأَطْرَافِ. وقال الشَّافِعِيُّ: لا يَصِحُّ السَّلَمُ فيها؛ لأنها تَخْتَلِفُ، فالوَرِكُ (٢٣) ثَخِينٌ قَوِىٌّ، والصَّدْرُ ثَخِينٌ رِخْوٌ، والبَطْنُ رَقِيقٌ ضَعِيفٌ، والظَّهْرُ أَقْوَى، فيَحْتَاجُ إلى وَصْفِ كلِّ مَوْضِعٍ منه،


(٢٢) فى أ، م: "والموز".
(٢٣) فى م: "فالورق" تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>