للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ" (٣). ولأنَّه عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فلم تَجِبْ على الصَّبِيِّ، كالحَجِّ. وحَدِيثُهُمْ مُرْسَلٌ، ثم نَحْمِلُه على الاسْتِحْبابِ، وسَمَّاهُ وَاجِبًا، تَأْكِيدًا لِاسْتِحْبابِه، كقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "غُسْلُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ" (٤).

فصل: إذا نَوَى الصَّبِيُّ الصومَ من اللَّيْلِ، فبَلَغَ في أثْناءِ النَّهارِ بالاحْتِلامِ أو السِّنِّ، فقال القاضي: يُتِمُّ صَوْمَه، ولا قَضاءَ عليه. لأنَّ نِيَّةَ صَوْمِ رمضانَ حَصَلَتْ لَيْلًا فيُجْزِئُهُ كالبالِغِ. ولا يَمْتَنِعُ أن يكونَ أوَّلُ الصومِ نَفْلًا وبَاقِيه فَرْضًا، كما لو شَرَعَ في صَوْمِ يَوْمٍ تَطَوُّعًا، ثم نَذَرَ إتْمَامَهُ. واخْتَارَ أبو الخَطَّابِ أنَّه يَلْزَمُه القَضاءُ؛ لأنَّه عِبادَةٌ بَدَنِيَّةٌ بَلَغَ في أثْنائِها بعد مُضِيِّ بعضِ أرْكَانِها، فلَزِمَتْه إعادَتُها، كالصلاةِ، والحَجِّ إذا بَلَغَ بعد الوُقُوفِ، وهذا لأنَّه بِبُلُوغِه يَلْزَمُه صومُ جَمِيعِه، والماضِي قبلَ بُلُوغِه نَفْلٌ، فلم يُجْزِ عن الفَرْضِ، ولهذا لو نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ يَقْدَمُ فُلَانٌ فقَدِمَ والنَّاذِرُ صَائِمٌ لَزِمَهُ القَضَاءُ، فأمَّا ما مَضَى من الشَّهْرِ قبلَ بُلُوغِه، فلا قَضاءَ عليه، وسَوَاءٌ كان قد صامَهُ أو أَفْطَرَهُ، هذا قولُ عَامَّةِ أهْلِ العِلْمِ. وقال الأوْزاعِيُّ: يَقْضِيه إن كان أفْطَرَهُ وهو مُطِيقٌ لِصِيامِهِ. ولَنا، أنَّه زَمَنٌ مَضَى في حالِ صِباه، فلم يَلْزَمْهُ قَضاءُ الصَّوْمِ فيه، كما لو بَلَغَ بعدَ انْسِلاخِ رمضانَ. وإن بَلَغَ الصَّبِيُّ وهو مُفْطِرٌ، فهل يَلْزَمُه إمْساكُ ذلك اليَوْمِ وقَضَاؤُهُ؟ على رِوَايَتَيْنِ.

٥١٢ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، صَامَ مَا يَسْتَقْبِلُ مِنْ بَقِيَّةِ شَهْرِهِ)

أمَّا صومُ ما يَسْتَقْبِلُه من بَقِيَّةِ شَهْرِهِ، فلا خِلافَ فيه، وأما قَضاءُ ما مَضَى من


(٣) تقدم تخريجه في ٢/ ٥٠.
(٤) تقدم تخريجه في ٣/ ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>