للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما، وإلى أيِّهما دَفَعَها بَرِئَ منها. وإنْ تلِفَتْ في يَدِ أحَدِهِما من غيرِ تَفْرِيطٍ، فهى من ضَمانِهما معًا؛ لأنَّهما كالوَكِلَيْنِ في المُطالَبَةِ، وما يَتَقَبَّلُه كلُّ واحدٍ منهما من الأَعْمالِ فهو من ضَمانِهِما، يُطالَبُ به كلُّ واحدٍ منهما، ويَلْزَمُه عَمَلُه؛ لأنَّ هذه الشَّرِكَةَ لا تَنْعَقِدُ إلّا على الضَّمانِ، ولا شىءَ فيها تَنْعَقِدُ عليه الشَّرِكَةُ حالَ الضَّمانِ، فكأنَّ الشَّرِكَةَ تَضَمَّنَتْ ضَمانَ كلِّ واحدٍ منهما عن الآخَرِ ما يَلْزَمُه. وقال القاضي: يَحْتَمِلُ أنْ لا يَلْزَمَ أحَدَهما ما لَزِمَ الآخَرَ؛ لما ذَكَرْنا مِن قَبْلُ. وما يَتْلَفُ بِتَعَدِّى أحَدِهِما أو تَفْرِيطِه أو تحت يَدِه، على وَجْهٍ يُوجِبُ الضَّمانَ عليه، فذلك عليه وَحْدَه. وإنْ أقَرَّ أحَدُهما بما في يَدِه، قُبِلَ عليه وعلى شَرِيكِه؛ لأنَّ اليَدَ له، فَيُقْبَلُ إقْرارُه بما فيها، ولا يُقْبَلُ إقْرَارُه بما في يَدِ شَرِيكِه، ولا بِدَيْنٍ عليه؛ لأنَّه لا يَدَ له على ذلك.

فصل: وإنْ عَمِلَ أحَدُهما دُون صاحِبِه، فالكَسْبُ بينهما. قال ابن عَقِيلٍ: نَصَّ عليه أحْمَدُ، في رِوايةِ إسْحاقَ بن هانِئٍ. وقد سُئِلَ عن الرَّجُلَيْنِ يَشْتَرِكَانِ في عَمَلِ الأبْدانِ، فيَأْتِى أحَدُهُما بشيءٍ، ولا يَأْتِى الآخَرُ بشيءٍ؟ قال: نعم، هذا بِمَنْزِلَةِ حَدِيثِ سَعْدٍ وابن مَسْعُودٍ. يعني حيث اشْتَرَكُوا، فجَاءَ سَعْدٌ بأَسِيرَيْنِ وأخْفَقَ الآخَرانِ (١١). ولأنَّ العَمَلَ مَضْمُونٌ عليهما معا، وبِضَمانِهِما له وَجَبَتِ الأُجْرَةُ، فيكونُ لهما كما (١٢) كان الضَّمانُ عليهما، ويكون العَامِلُ عَوْنًا لِصاحِبِه في حِصَّتِه. ولا يَمْنَعُ ذلك اسْتِحْقاقَه، كمن اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَقْصُرَ له ثَوْبًا، فاسْتَعانَ القَصَّارُ بإِنْسانٍ (١٣)، فقَصَرَ معه، كانت الأُجْرَةُ لِلقَصَّارِ المُسْتَأْجَرِ. كذا ههُنا. وسواء تَرَكَ العَمَلَ لِمَرَضٍ أو غيره، فإن طالَبَ أحَدُهما الآخَرَ أن يَعْمَلَ معه أو يُقِيمَ (١٤) مُقامَهُ من يَعْمَلُ، فله ذلك. فإن امْتَنَعَ، فللآخَرِ الفَسْخُ. ويَحْتَمِلُ أنَّه متى تَرَكَ العَمَلَ من غير عُذْرٍ، أن لا يُشارِكَ


(١١) تقدم تخريجه في صفحة ١١١.
(١٢) في ب زيادة "لو".
(١٣) في الأصل: "إنسانا".
(١٤) في الأصل: "يقوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>