للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيِّدِه على فَرَسٍ لسَيِّدِه، خُرِّجَ فيه الوَجْهان اللَّذان ذكَرْناهما فيما إذا غَصَبَ فرسًا فقاتَلَ عليهِ؛ لأنَّه هاهُنا بمنزِلَةِ المغْصُوبِ.

فصل: ولا يجوزُ تَفْضِيلُ بعضِ الغانِمين على بعضٍ فى القِسْمَةِ، إلَّا أنْ يُنَفِّلَ بعضَهم من الغَنِيمَةِ نَفَلًا، على ما ذَكَرْنا فى الأنْفالِ، فأمَّا غيرُ ذلك فلا؛ لأنَّ النَّبىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قسَم للفارِسِ ثلاثَةَ أسْهُمٍ، وللراجِلِ سَهْمًا (١٢)، وسَوَّى بينهم. ولأنَّهم اشْتَرَكُوا فى الغنيمَةِ على سبيلِ التَّسْوِيَةِ، فتجِبُ التَّسْوِيَةُ بينهم (١٣)، كسائِرِ الشُّرَكَاءِ.

فصل: وإنْ قال الإِمامُ: مَنْ أَخَذَ شيئًا فهو له. جازَ، فى إحْدَى الرِّوايَتَيْن. وهو قَوْلُ أبى حنيفةَ، وأحَدُ (١٤) قَوْلَىِ الشافِعِىِّ. قال أحمد، فى السَّرِيَّةِ تخرُجُ، فيقولُ الوالى: مَنْ جاءَ بشيْءٍ فهو له، ومَنْ لم يَجِىءُ بشىءٍ فلا شىءَ له: الأنفالُ إلى الإِمامِ، وما (١٥) فَعَلَ من شىءٍ جازَ، لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال فى (١٦) يومِ بدْرٍ: "مَنْ أخَذَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ" (١٧). ولأنَّهم (١٨) على هذا غَزَوْا، ورَضُوا به. والرِّوايةُ الثانِيَةُ، لا يجوزُ. وِهو القَوْلُ الثانِى للشافِعِىِّ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يقْسِمُ الغنائِمَ والخُلَفاءُ بعدَه، ولأنَّ ذلِك يُفْضِى إلى اشْتِغالِهم بالنَّهْبِ عن القتالِ، وظَفَرِ العَدُوِّ بهم، فلا يجوزُ، ولأنَّ الاغْتِنامَ سببٌ لاسْتِحْقاقِهِم لها على سَبِيلِ التَّساوِى، فلا يزولُ ذلك بقولِ الإِمامِ، كسائِرِ الاكْتسابِ. وأمَّا قضِيَّةُ بَدْرٍ، فإنَّها مَنْسُوخَةٌ، فإنَّهُم اخْتَلَفُوا فيها، فأَنْزَلَ اللَّه تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} (١٩).


(١٢) تقدَّم تخريجه، فى صفحة ٨٦.
(١٣) سقط من: م.
(١٤) فى الأصل، أ: "وهو أحد".
(١٥) فى أ، ب، م: "ما".
(١٦) سقط من: ب.
(١٧) نقله البيهقى عن الإِمام الشافعى. انظر: باب الوجه الثالث من النفل، من كتاب قسم الفىء والغنيمة، السنن الكبرى ٦/ ٣١٥.
(١٨) فى م: "ولأن".
(١٩) سورة الأنفال ا.

<<  <  ج: ص:  >  >>