للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها لم يُكْرَه، ولو كان مكروهًا لَمَا فُعِلَ هذا في بَيْتِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- له (١٨). فعلى هذا، لا يُكْرَهُ ما كان في المدَّةِ اليَسِيرَةِ، ويُكْرَه مَا كانَ في مُدَّةٍ يَحْتَمِلُ إفضْاؤُه إلى الإِسْكارِ، ولا يثْبُتُ التَّحْرِيمُ ما لمْ يَغْلِ، أو تَمْضِىَ عليه ثلاثةُ أيَّامٍ.

١٦٠٦ - مسألة؛ قال: (وَالْخَمْرَةُ إذَا أُفْسِدَتْ، فَصُيِّرَتْ خلًّا، لَمْ تَزُلْ عَنْ تَحْرِيمِهَا، وَإنْ قَلَبَ اللهُ عَيْنَها فَصَارَتْ خَلًّا، فَهِىَ حَلَالٌ)

رُوِىَ هذا عن عمرَ بنِ الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّه عنه (١). وبه قال الزُّهْرِىُّ. ونحوُه قولُ مالِكٍ. وقال الشَّافِعِىُّ: إنْ أُلْقِىَ فيها شيءٌ يُفْسِدُها كالمِلْحِ، فتخَلَّلَتْ، فهى على تَحْريمِها، وإن نُقِلَتْ من شمسٍ إلى ظِلٍّ، أو من ظِلٍّ إلى شمسٍ، فتَخَلَّلَتْ، ففى إباحتِها قَوْلان. وقال أبو حنيفةَ: تَطْهُرُ في الحالَيْن؛ لأنَّ عِلَّةَ تَحْريمِها زالَتْ بتخْلِيلِها فطَهُرَتْ، كما لو تَخَلَّلَتْ بنَفْسِها، يُحَقِّقُه أنَّ التَّطْهِيرَ لا فَرْقَ فيه بينَ ما حَصَلَ بفِعْلِ اللَّه تعالى وفِعْلِ الآدَمِىِّ، كتَطْهيرِ الثَّوَبِ والبَدَنِ والأرضِ. ونحوُ هذا قولُ عَطاءٍ، وعمرِو بنِ دينارٍ، والحارثِ العُكْلِىّ. وذكَره أبو الخَطَّابِ وجهًا في مَذْهَبنا، فقال: وإن خُلِّلَتْ لم تَطْهُرْ. وقِيلَ: تَطْهُرُ. ولَنا، ما رَوَى أبو سعيدٍ، قال: كان عندنا خمرٌ ليَتِيمٍ، فلمَّا نَزَلَتِ المائدةُ، سألتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، إنَّه لَيَتِيمٌ؟ قال: "أَهْرِيقُوهُ". روَاه التِّرْمِذِىُّ (٢)، وقال حديثٌ حَسَنٌ. وعن أنَسٍ قَال: سُئِلَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: أنتَّخِذُ الخَمْرَ خَلًّا؟ قال: "لَا". قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ورواه مُسْلِمٌ (٣). وعن أبي طلْحَةَ، أنَّه سأل النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن أيْتامٍ وَرِثُوا خَمْرًا؟ فقال: "أَهْرِقْها". قال: أفلا أُخَلِّلُها؟ قال: "لَا". رَواه أبو داود (٤). وهذا نَهْىٌ


(١٨) سقط من: ب.
(١) أخرجه أبو عبيد، في: الأموال ١٠٤.
(٢) في: باب ما جاء في النهى للمسلم أن يدفع إلى الذمى الخمر. . ., من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٦٧.
(٣) أخرجه مسلم، في: باب تحريم تخليل الخمر، من كتاب الأشربة. صحيح مسلم ٣/ ١٥٧٣.
كما أخرجه الترمذي، في: باب النهى أن يتخذ الخمر خلا، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٩٤.
(٤) في: باب ما جاء في الخمر تخلل، من كتاب الأشربة. سنن أبي داود ٢/ ٢٩٢، ٢٩٣. =

<<  <  ج: ص:  >  >>