للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرُ طَاِهرٍ، بَعْضَ الصَّلاةِ، فذَكَرَ؟ قال: يُعْجِبُنِى أن يَبْتَدئُوا الصَّلاةَ. قلتُ له: يقولُ لهم اسْتَأْنِفُوا الصَّلاةَ؟ قال: لا، ولكن يَنْصَرِفُ ويَتَكَّلمُ، ويَبْتَدِئُون هم الصَّلاةَ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: فيه عن أحمدَ، رَحِمَه اللهُ رُوَايَةٌ أُخْرَى، إذا عَلِمَ المأْمُومُونَ أنَّهم يَبْنُونَ على صَلاتِهِم. وقال الشَّافِعِىُّ: يَبْنُون على صَلاتِهِم، سواء عَلِمَ بذلك، أو عَلِمَ المأْمُومُونَ؛ لأنَّ ما مَضَى من صَلاتِهِم صَحِيحٌ، فكان لهم البِناءُ عليه، كما لو قامَ إلى خَامِسَةٍ فَسَبَّحُوا به فلم يَرْجِعْ. ولَنا، أَنَّه ائْتَمَّ بمَن صَلاتُه فاسِدَةٌ مع العِلْمِ منهما أو من أحَدِهِما أشْبَهَ ما لو ائْتَمَّ بامْرَأةٍ. وإنَّما خُولِفَ هذا فيما إذا اسْتَمَرَّ الجَهْلُ منهما للإِجْمَاعِ، ولأنَّ وُجُوبَ الإِعادةِ على المَأْمُومِينَ حالَ اسْتِمْرَارِ الجَهْلِ يَشُقُّ، لِتَفَرُّقِهِم، بِخِلافِ ما إذا عَلِمُوا في الصَّلاةِ. وإن عَلِمَ بعضُ المأْمُومِينَ دونَ بعضٍ، فالمَنْصُوصُ أنَّ صَلاةَ الجَمِيعِ تَفْسُدُ، والأوْلَى أن يَخْتَصَّ البُطْلانُ بمن عَلِمَ دُونَ مَنْ جَهِلَ؛ لأنَّه مَعْنًى مُبْطِلٌ اخْتَصَّ به، فاخْتَصَّ بالبُطْلانِ، كحَدَثِ نَفْسِه.

فصل: إذا اخْتَلَّ غيرُ ذلك من الشُّرُوطِ في حَقِّ الإِمَامِ، كالسِّتَارَةِ واسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ، لم يُعْفَ عنه في حَقِّ المَأْمُومِ؛ لأنَّ ذلك لا يَخْفَى غالِبًا، بِخِلافِ الحَدَثِ والنَّجاسَةِ. وكذا إن فَسَدَتْ صَلاتُه لِتَرْكِ رُكْنٍ، فَسَدَتْ صَلاتُهُم. نَصَّ عليه أحمدُ، في مَن تَرَكَ القِرَاءةَ، يُعِيدُ ويُعِيدُونَ، وكذلك في مَن تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الإِحْرامِ.

فصل: وإن فَسَدَتْ لِفِعْلٍ يُبْطِلُ الصَّلاةَ، فإنْ كان عن عَمْدٍ، أفْسَدَ صَلاةَ الجَمِيعِ، وإن كان عن غيرِ عَمْدٍ، لم تَفْسُدْ صَلاةُ المأْمُومِينَ. [نَصَّ عليه أحمدُ في الضَّحِكِ أنَّه يُفْسِدُ (٧) صَلاةَ الإِمامِ، ولا تَفْسُدُ صَلاةُ المأْمُومِينَ] (٨)، وعن أحمدَ في مَن سَبَقَه الحَدَثُ رِوَايَتَانِ: إحْدَاهما، أنَّ صَلَاةَ المأْمُومِينَ تَفْسُدُ؛ لأنَّه أَمْرٌ أفْسَدَ صَلاةَ الإِمامِ، فأفْسَدَ صَلاةَ المأْمُومِينَ، كَتَرْكِ الشَّرْطِ، وقد ثَبَتَ هذا الحُكْمُ في الشَّرْطِ بما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، أَنَّه صَلَّى بالنَّاسِ المَغْرِبَ، فلم يَسْمَعُوا له قِرَاءَةً،


(٧) في م: "يبطل".
(٨) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>