للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من لَوْنٍ إلى لَوْنٍ، أو انْتظارٍ لما يُحْمَلُ إليه من الطَّعامِ، لم يُعَدَّ إلَّا أكْلةً واحدةً، فكذا ههُنا. والأَوّلُ أوْلَى (١٨)؛ لأنَّ اليَسِيرَ من السَّعُوطِ والوَجُورِ رَضْعةٌ، فكذا هذا (١٩).

١٣٦٨ - مسألة؛ قال: (وَالسَّعُوطُ كَالرَّضَاعِ، وكَذلِكَ الْوَجُورُ)

معنى السَّعُوطِ: أن يُصَبَّ اللَّبَنُ في أنْفِه من إنَاءٍ أو غيرِه. والوَجُورُ: أن يُصَبَّ في حَلْقِه صَبًّا من (١) غيرِ الثَّدْىِ. واخْتلَفتِ الرِّوايةُ في التَّحْريمِ بهما، فأصَحُّ الرّوايتَيْنِ أنَّ التَّحْريمَ يَثْبُتُ بذلك، كما يثبتُ بالرَّضاعِ. وهو قولُ الشَّعْبيِّ، والثَّوْرِيِّ، وأصْحابِ الرَّأْيِ. وبه قال مالكٌ في الوَجُورِ. والثانية، لا يَثْبُتُ بهما التحريمُ. وهو اختيارُ أبي بكرٍ، ومذهبُ داودَ، وقولُ عَطاءٍ الخُرَاسانيِّ في السَّعُوطِ؛ لأنَّ هذا ليس برَضاعٍ، وإنَّما حَرَّمَ اللَّه تعالى ورسولُه بالرَّضاعِ، ولأنَّه حَصَلَ من غير ارْتِضاعٍ، فأشْبَهَ ما لو دَخَلَ من جُرْحٍ في بَدَنِه. ولَنا، ما رَوَى ابنُ مسعودٍ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَزَ الْعَظْمَ، وأَنْبَتَ اللَّحْمَ". روَاه أبو داودَ (٢). ولأنَّ هذا يَصِلُ به اللَّبَنُ إلى حيث يَصِلُ بالارْتِضاعِ، [ويَحْصُلُ به من إنْباتِ اللَّحْمِ وإنْشازِ العَظْمِ ما يَحْصُلُ من الارْتِضاعِ] (٣)، فيَجِبُ أن يُسَاوِيَه في التَّحْرِيمِ، والأنْفُ سَبِيلٌ [لفِطْرِ الصائِمِ] (٤). فكان سَبيلًا للتَّحْرِيمِ، كالرَّضاعِ بالفَمِ.

فصل: وإنَّما يُحَرِّمُ من ذلك مثلُ الذي يُحَرِّمُ بالرَّضاعِ، وهو خَمْسٌ في الرِّوايةِ المشهورة، فإنَّه فَرْعٌ على الرَّضاعِ، فيَأْخُذُ حُكْمَه، فإن ارْتَضَعَ وكمَّلَ الخَمْسَ بسَعُوطٍ


(١٨) في م: "أصح".
(١٩) في ب: "ها هنا".
(١) سقط من: ب.
(٢) في: باب في رضاعة الكبير، من. كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٤٧٥.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ١/ ٤٣٢.
(٣) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٤) في م: "الفطر للصائم".

<<  <  ج: ص:  >  >>