للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأصلُ فيه قولُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فَالسُّلطانُ وَلِىُّ مَنْ لَا وَلِى له" (١). ورَوَى أبو دَاوُد (٢)، بإسْنادِه عن أُمِّ حَبِيبةَ، أَنَّ النَّجَاشِىَّ زَوَّجَها رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانت عندَه. ولأنَّ للسُّلطانِ ولايةً عامّةً بدليلِ أنَّه يَلِى المالَ، ويَحْفَظُ الضَّوَالَّ، فكانت له الوِلايةُ (٣) فى النِّكاحِ كالأبِ.

فصل: والسلطانُ ههنا هو الإمامُ، أو الحاكمُ، أو مَنْ فَوَّضَا إليه ذلك. واخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ فى والِى البلدِ، فقال فى موضعٍ: يُزَوِّجُ وَالِى البَلَدِ. وقال فى الرُّسْتاقِ (٤) يكونُ فيه الوالِى وليس فيه قاضٍ: يُزَوِّجُ إذا احْتاطَ لها فى المَهْرِ والكُفْءِ، أرجو أن لا يكونَ به بأسٌ؛ لأنَّه ذو سلطانٍ، فيَدْخُلُ فى عمومِ الحديثِ. وقال فى موضعٍ آخرَ، فى المرأةِ إذا لم يكُنْ لها وَلِىٌّ: فالسلطانُ المُسَلَّطُ على الشىءِ؛ القاضِى يَقْضِى فى الفُرُوجِ والحُدُودِ والرَّجْمِ، صاحبُ الشُّرْطةِ إنَّما هو مُسَلّطٌ فى الأدَبِ والجِبَايَةِ (٥). قال: ما للوالِى وذَا (٦)! إنَّما هو إلى القاضى. وتأوّلَ القاضى الرِّوايةَ الأُولَى على أَنَّ الوَالِىَ أَذِنَ له فى التَّزْويج. ويَحتَمِلُ أنَّه جَعَلَ له ذلك إذا لم يكُنْ فى موضعِ وِلايتِه قاضٍ، فكأنَّه قد فَوَّضَ إليه النظرَ فيما يَحْتاجُ إليه فى وِلايَتِه، وهذا منها.

فصل: وإذا اسْتَوْلَى أهلُ البَغْى على (٧) بلدٍ، جَرَى حُكْمُ سُلْطانِهِم وقاضِيهم فى ذلك مَجْرَى الإمامِ وقاضِيه؛ لأنَّه أُجْرِىَ مُجْراه فى قَبْض الصَّدَقاتِ والجِزْيةِ والخَرَاجِ والأحْكامِ، فكذلك فى هذا.

فصل: واخْتلَفت الرِّوايةُ فى المرأةِ تُسْلِمُ على يدِ رَجُلٍ، فقال فى موضعٍ: لا يكونُ وَلِيًّا


(١) تقدم تخريجه فى: ٥/ ٨٨، وصفحة ٣٤٥.
(٢) تقدم تخريجه فى: ٧/ ١٩٩.
(٣) فى أ، ب، م: "ولاية".
(٤) الرستاق: السواد والقرى.
(٥) فى أ، ب، م: "والجناية".
(٦) فى م: "ولاية".
(٧) فى ب، م: "فى".

<<  <  ج: ص:  >  >>