للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان فى مجالِسَ، فكَفَّارَاتٌ. ورُوِىَ ذلك عن عَلِىٍّ، وعمرو بن دِينارٍ، وقتَادةَ؛ لأنَّه قولٌ يُوجِبُ تحْريمَ الزَّوْجَة، فإذا نَوَى الاسْتِئْنافَ تَعَلَّق بكُلِّ مَرةٍ حُكْمُ حالِهَا (٢)، كالطَّلاقِ. ولَنا، أنَّه قولٌ لم يُؤَثِّر تحْريمًا فى الزَّوْجَةِ، فلم تَجِبْ به كفَّارةُ الظِّهارِ، كاليمينِ باللَّهِ تعالى، ولا يَخْفَى أنَّه لم يُؤثِّر تحْريمًا، فإئها قد حُرِّمَتْ بالقولِ الأوَّلِ، ولم يَزِدْ تحريمُها، ولأنَّه لفظٌ يَتَعَلَّقُ به كفَّارةٌ، فإذا كَرَّرَه كَفاهُ كَفَّارةٌ (٣) واحدةٌ، كاليَمِينِ باللَّه تعالى (٤). وأمَّا الطَّلاقُ، فما زادَ عن الثَّلاثِ (٥)، لا يَثْبُتُ له حُكْمٌ بالإِجْماعِ، وبهذا يَنْتَقِضُ ما ذكَرُوه. وأمَّا الثَّالثةُ، فإنَّها تُثْبِتُ تحريمًا زائدًا، وهو التَّحريمُ قبلَ زَوْجٍ وإصابَةٍ، بخلافِ الظِّهار الثَّانى، فإنه لا يَثْبُتُ به تحريمٌ، فنَطِيرُه ما زادَ على الطَّلْقَةِ الثّالثةِ، لا يَثْبُتُ له حُكْمٌ، فكذلك الظِّهار الثَّانى. فأمّا إنْ كَفَّر عن الأوَّلِ، ثم ظاهَرَ، لَزِمَتْه للثّانى كفّارةٌ، بلا خلافٍ؛ لأنَّ الظِّهارَ الثَّانىَ مِثْلُ الأوَّلِ، فإنَّه حَرَّم الزَّوْجَةَ المُحَلَّلَةَ (٦)، فأوْجَبَ الكَفَّارَةَ كالأوَّلِ، بخلافِ ما قبلَ التَّكْفِيرِ.

فصل: والنِّيَّةُ شَرْطٌ فى صِحَّة الكَفَّارَةِ؛ لقولِ النَّبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات" (٧). ولأنَّ العِتْقَ يَقَعُ مُتَبَرَّعًا به، وعن كفَّارةٍ أُخْرَى، أو نَذْرٍ، فلم يَنْصَرِفْ إلى هذه الكفَّارةِ إلَّا بِنِيَّةٍ، وصِفَتُها أَنْ يَنْوِىَ العِتْقَ، أو الصِّيامَ، أو الإِطعامَ عن الكَفَّارَةِ، فإن (٨) زادَ الواجبةَ كان تأكيدًا، وإلَّا أجْزَأتْ نِيَّتُه الكفَّارةَ. وإِنْ نَوَى وُجُوبَها، ولم يَنْوِ الكفَّارةَ، لم يُجْزِئْه؛ لأنَّ الوُجوبَ يَتَنَوَّعُ عن كفَّارةٍ ونذرٍ، فوَجَبَ تَمْيِيزُه. ومَوْضِعُ النِّيَّةِ مع التَّكْفيرِ، أو قَبْلَه بيَسِيرٍ. وهذا الذى نَصَّ عليه الشَّافعىُّ، وقال به بعضُ أصحابِه. وقال بعضُهم: لا يُجْزِئُ حتى يَسْتَصْحِبَ النِّيَّةَ، وإِنْ كانتِ الكفَّارةُ صيامًا


(٢) سقط من الأصل.
(٣) سقط من: م.
(٤) فى ب زيادة: "قال".
(٥) فى ب، م: "ثلاث".
(٦) فى م: "المحلة".
(٧) تقدم تخريجه فى: ١/ ١٥٦.
(٨) فى ب: "فإذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>