للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ عنه، فإنَّه رُوِيَ عنه، أنَّه كان يَخْطُبُ يومًا، فقال رجلُ ببابِ المسجدِ: لا حُكْمَ إلَّا للهِ. فقال عليٌّ: كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بها بَاطِلٌ. ثم قال: لكم علينا ثلاثٌ؛ لا نَمْنَعكُمْ مَساجِدَ اللهِ أنْ تَذكُروا فيها اسْمَ اللهِ تعالى، ولا نَمْنَعُكُم الْفَىْءَ ما دامتْ أيدِيكم معنا، ولا نَبْدأُكم بقتالٍ (٢٨). وروَى أبو يحيى، قال: صَلَّى عليٌّ، رَضِيَ اللهُ عنه، صلاةً، فناداهُ رَجلٌ من الخَوارجِ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٢٩). فأجابه عليٌّ، رَضِيَ اللهُ عنه: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (٣٠). وكتبَ عديٌّ بنُ أرْطاةَ إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيز: إنَّ الخوارجَ يَسُبُّونَكَ. فكتبَ إليه: إنْ سَبُّونِي فسُبُّوهم، أو اعْفُوا عنهم، وإن شَهَرُوا السِّلاحَ فاشْهِرُوا عليهم، وإنْ ضَرَبُوا فَاضْرِبُوا. ولأَنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يتعَرَّضْ للمنافقين الذين معه في المدينةِ، فلأنْ لا يُتَعرَّضَ لغيرِهم أوْلَى. وقد رُوِيَ في خبرِ الخارِجِيِّ الذي أنْكَرَ عليه، أنَّ خالدًا قال: يا رسولَ اللَّه، ألَا أضْرِبُ عُنُقَه؟ قال: "لَا (٣١)، لعَلَّه يُصَلِّي". قال: رُبَّ مُصَلٍّ لا خيرَ فيه. قال: "إنِّي لم أُوْمَرْ أنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ" (٣٢).

١٥٣٣ - مسألة؛ قال: (فإنْ آلَ مَا دفِعُوا بِهِ إلى نُفُوسِهِمْ، فَلَا شَىْءَ على الدَّافِعِ، وإنْ قُتِلَ الدَّافِعُ فَهُوَ شَهِيدٌ)

وجملتُه أنَّه إذا لم يُمْكِنْ دَفَعُ أَهلِ البَغْيِ إلَّا بقَتْلِهم، جاز قَتْلُهم، ولا شىءَ على مَنْ


(٢٨) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما ذكر في الخوارج، من كتاب الجمل. المصنف ١٥/ ٣٠٧، ٣١٣. وابن جرير الطبري في حوادث سنة سبع وثلاثين من الهجرة. تاريخ الطبري ٦/ ٤١.
(٢٩) سورة الزمر ٦٥.
(٣٠) سورة الروم ٦٠.
(٣١) سقط من: ب، م.
(٣٢) أخرجه البخاري، في: باب بعث علي بن أبي طالب رضى اللَّه عنه، من كتاب المغازى. صحيح البخاري ٥/ ٢٠٧. ومسلم، في: باب ذكر الخوارج وصفاتهم، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٤٢. والإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>