للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٥٥ - مسألة؛ قال: (ومَنْ أعْتَقَ عَبْدَه عَنْ رَجُلٍ حَىٍّ بِلَا أَمْرِهِ، أوْ عَنْ مَيِّتٍ، فَالْوَلَاءُ لِلْمُعتِقِ)

هذا قولُ الثَّوْرِىِّ، والأَوْزَاعِىِّ، والشَّافِعِىِّ، وأبى حنيفةَ، وأبى يوسفَ، وداودَ. ورُوِىَ عن ابن عبَّاسٍ أَنَّ ولاءَه للمُعْتَقِ عنه. وبه قال الحسنُ، ومالكٌ، وأبو عُبَيْدٍ؛ لأنَّه أعْتَقَه عن غيرِه، فكان الولاءُ للمُعْتَقِ عنه، كما لو أذِنَ له. ولَنا، قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ" (١). ولأنَّه أعْتَقَ عبدَه من غيرِ إذْنِ غيرِه له، فكان الولاءُ له، كما لو لم يَقْصِدْ شيئًا.

١٠٥٦ - مسألة؛ قال: (وإِنْ أعْتَقَهُ عَنْهُ بأمْرِهِ، فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ بأمْرِهِ)

وبهذا قال جميعُ مَنْ حَكَيْنا قولَه فى المسألةِ الأُولَى، إلَّا أبا حنيفةَ، ووافَقَه أبو يوسفَ، ومحمدُ بن الحسنِ، وداودُ، فقالوا: الولاءُ للمُعْتِقِ، إلَّا أن يُعْتِقَه عنه على عِوَضٍ، فيكونُ له الوَلاءُ، ويَلْزَمُه (١) العِوَضُ، ويَصِيرُ كأنَّه اشْتَراهُ ثم وَكَّلَه فى إعْتاقِه، أمَّا إذا كان عن غيرِ عِوَضٍ، فلا يَصِحُّ تقديرُ البَيْعِ، فيكونُ الوَلاءُ للمُعْتِقِ؛ لعُمُوم قوله عليه السلام: "الوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ". وعن أحمدَ مثلُ ذلك. ولَنا، أنَّه وَكِيلٌ فى الإِعْتاقِ، فكان الولاءُ لِلمُعْتَقِ عنه، كما لو أخَذَ عِوَضًا، فإنَّه كما يجوزُ تقديرُ البَيْعِ فيما إذا أخَذَ عِوَضًا، يجوزُ تقديرُ الْهِبَةِ إذا لم يَأْخُذْ عِوَضًا، فإنَّ الهِبةَ جائزةٌ فى العَبْدِ، كما يجوزُ البَيْعُ، والخبرُ مخصوصٌ بما إذا أخَذَ عِوَضًا، كسائرِ (٢) الوُكلاءِ، فنَقِيسُ عليه مَحَلَّ النزاعِ.

١٠٥٧ - مسألة؛ قال: (ومَنْ قَالَ: أعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّى، وعَلَىَّ ثَمَنُهُ. فَالثَّمَنُ عليه والْوَلاءُ لِلمُعْتَقِ عَنْهُ)

لا نعلمُ فى هذه المسألة خلافًا، وأنَّ الوَلَاءَ لِلمُعْتَقِ عنه؛ لكَوْنِه أعْتَقَه عنه بِعِوَضٍ.


(١) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٥٩.
(١) فى م: "ويلزم".
(٢) فى الأصل، أ: "وسائر".

<<  <  ج: ص:  >  >>