للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد زاد قَطْعًا لم يَرِدِ الشَّرْعُ باسْتِيفائِه، فيكونُ حرامًا، وسواءٌ (٢٧) في هذا ما إذا قَطَعَ ثم قَتَلَ عَقِيبَه، وبينَ ما إذا قَطَعَ فسَرَى إلى النَّفْسِ.

فصل: فأمَّا إن (٢٨) قَطَعَ اليُمْنَى ولا يُمْنَى للقاطعِ، أو اليَدَ ولا يَدَ له، أو قَلَعَ العَيْنَ ولا عَيْنَ له، فمات المَجْنِى عليه، فإنَّه يُقْتَلُ بالسَّيْفِ في العُنُقِ، ولا قِصاصَ في طَرَفِه. لا (٢٩) أعلمُ فيه خِلافًا؛ لأنَّ القِصاصَ إنَّما يكونُ من مثلِ العُضْوِ المُتْلَفِ، وهو ههُنا مَعْدُومٌ، ولأنَّ القِصاصَ فِعْلُ مِثْلِ ما فَعَلَ الجانِى (٣٠)، ولا سَبِيلَ إليه، ولأنَّه لو قَطَعَ ثم عَفَا عن القَتْلِ، لَصار مُسْتَوْفِيًا رِجْلًا ممَّن لم يَقْطَعْ له مثلَها، أو أُذُنًا بدَلًا عن عَيْنٍ، وهذا غيرُ جائزٍ. وهذا يَدُلُّ على فَسادِ الوَجْهِ الثاني في الفَصْلِ الذي قبلَه.

فصل: وإن قَتَلَه بغيرِ السَّيفِ، مثل أن قَتَلَه بحَجَرٍ، أو هَدْمٍ، أو تَغْرِيقٍ، أو خَنْقٍ، فهل يَسْتَوْفِى القِصاصَ بمثلِ فِعْلِه؟ فيه رِوايتان؛ إحداهما، له ذلك. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ. والثانية، لا يَسْتَوْفِى إلَّا بالسَّيْفِ في العُنُقِ. وبه قال أبو حنيفةَ، فيما إذا قَتَلَه بِمُثَقَّلِ الحَدِيدِ، على إحْدَى الرِّوايتَيْنِ عندَه، أو جَرَحَه فمات. ووَجْهُ الرِّوايتَيْنِ ما تَقَدَّمَ في أوَّلِ المسألةِ، ولأنَّ هذا لا تُؤْمَنُ معه الزِّيادهُّ على ما فَعَلَه الجانِى، فلا يجبُ القِصاصُ بمثلِ آلَتِه، كما لو قَطَعَ الطرفَ بآلةٍ كالَّةٍ، أو مَسْمُومةٍ، أو بالسَّيْفِ، فإنَّه لا يَسْتَوْفِى بمثلِه، ولأنَّ هذا لا يُقْتَلُ به المُرْتَدُّ، فلا يُسْتَوْفَى به القِصاصُ، كما لو قَتَلَه بتَجْرِيع الخَمْرِ، أو بالسِّحْرِ (٣١)، ولا تَفْرِيعَ على هذه الروايةِ. فأمَّا على الرِّوايةِ الأُخْرَى، فإنَّه إذا فَعَلَ به مثلَ فِعْلِه فلم (٣٢) يَمُتْ، قَتَلَه بالسيفِ. وهذا أحدُ قَوْلَىِ الشافعىِّ. والقولُ الثاني، أنَّه يُكَرِّرُ عليه ذلك الفِعْلَ حتى يَمُوتَ به؛ لأنَّه قَتَلَه بذلك، فله قَتْلُه بمثلِه.


(٢٧) في ب: "وسواه".
(٢٨) سقط من: الأصل، أ، م.
(٢٩) في م: "ولا".
(٣٠) سقط من: ب.
(٣١) في ب: "بالسم".
(٣٢) في ب: "لم".

<<  <  ج: ص:  >  >>