للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَبْضُه؛ لأنَّ غَرَضَهُ حَاصِلٌ مع زِيَادَةِ تَعْجِيلِ (٣) المَنْفَعَةِ، فجَرَى مَجْرَى زِيَادَةِ الصَّفَةِ وتَعْجِيلِ الدَّيْنِ المُؤَجَّلِ. الحال الثالث، أن يُحْضِرَه بعد مَحَلِّ الوُجُوبِ، فحُكْمُه حُكْمُ ما لو أحْضَرَ المَبِيعَ بعد تَفَرُّقِهما.

فصل: ولا يَخْلُو إمَّا أن يُحْضِرَ المُسْلَمَ فيه على صِفَتِه، أو دُونَها، أو أَجْوَدَ منها. فإن أحْضَرَهُ على صِفَتِه، لَزِمَ قَبُولُه؛ لأنَّه حَقُّه. وإن أتَى به دُونَ صِفَتِه، لم يَلْزَمْهُ قَبُولُه؛ لأنَّ فيه إسْقَاطَ حَقِّه، فإن تَرَاضَيَا على ذلك وكان من جِنْسِه، جَازَ, وإن كان من غير جِنْسِه، لم يَجُزْ؛ لما تَقَدَّمَ. وإن اتَّفَقا على أن يُعْطِيَهُ دُونَ حَقِّه، ويَزِيدَه شيئا، لم يَجُزْ؛ لأنَّه أفْرَدَ صِفَةَ الجَوْدَةِ بِالبَيْعِ، وذلك لا يجوزُ، لأن بَيْعَ المُسْلَمِ فيه قبلَ قَبْضِه غيرُ جَائِزٍ، فَبَيْعُ وَصْفِهِ أَوْلَى. الثالث (٤)، أن يُحْضِرَهُ أجْوَدَ من المَوْصُوفِ، فيُنْظَرُ فيه؛ فإن أتَاهُ به (٥) من نَوْعِه، لَزِمَهُ قَبُولُه؛ لأنَّه أتَى بما تَنَاوَلَهُ العَقْدُ وزِيَادَةً تَابِعَةً له، فيَنْفَعُه ولا يَضُرُّهُ، إذ لا يَفُوتُه غَرَضٌ. فإن أتَى به مِن نَوْعٍ آخَرَ، لم يَلْزَمْهُ قَبُولُه؛ لأنَّ العَقْدَ تَنَاوَلَ ما وَصَفَاهُ على الصِّفَةِ التى شَرَطَاهَا، وقد فَاتَ بعضُ الصِّفَاتِ، فإنَّ النَّوْعَ صِفَةٌ، وقد فَاتَ، فأَشْبَهَ ما لو فَاتَ غيرُه مِن الصِّفَاتِ. وقال القاضى: يَلْزَمُه قَبُولُه؛ لأنَّهما جِنْسٌ واحِدٌ يُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَرِ فى الزَّكَاةِ، فأَشْبَهَ الزِّيَادَةَ فى الصِّفَةِ مع اتِّفَاقِ النَّوْعِ. والأَوَّلُ أجْوَدُ؛ لأنَّ أحَدَهما يَصْلُحُ لما لا يَصْلُحُ له الآخَرُ، فإذا فَوَّتَهُ عليه، فَوَّتَ عليه الغَرَضَ (٦) المُتَعَلِّقَ به، فلم يَلْزَمْهُ قَبُولُه، كما لو فَوَّتَ عليه صِفَةَ الجَوْدَةِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىِّ. فإن تَرَاضَيَا على أخْذِ النَّوْعِ بَدَلًا عن النَّوْعِ الآخَرِ، جَازَ؛ لأنَّهما جِنْسٌ واحِدٌ لا يجوزُ بَيْعُ أحَدِهِما بالآخَرِ مُتَفَاضِلًا، ويُضَمُّ أحَدُهما إلى الآخَرِ فى


(٣) فى أ، م: "تعجل".
(٤) فى أ، م: "الحال الثالث".
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) فى الأصل: "البعض".

<<  <  ج: ص:  >  >>