للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: فى اخْتلافِ الزَّوْجَيْنِ، لا يَخْلُو اخْتِلافُهما من حالينِ؛ أحدهما، أن يكونَ قبلَ الدُّخولِ، ففيه مسألتان، إحداهما، أن يقولَ الزَّوْجُ: أسْلَمْنا معا، فنحنُ على النِّكاحِ. وتقول هى: بل أسْلَمَ أحَدُنا قبلَ صاحِبِه، فانفَسَخَ النِّكاحُ. فقال القاضى: القولُ قولُ المرأةِ؛ لأنَّ الظاهرَ معها (٣٤)؛ إذْ يَبْعُدُ (٣٥) اتِّفاقُ الإِسْلامِ منهما دَفْعةً واحدةً، والقولُ قولُ مَن الظَّاهِرُ معه، ولذلك كان القولُ قولَ صاحبِ اليَد. وذكَر أبو الخَطَّابِ فيها وَجْهًا آخرَ، أَنَّ القولَ قولُ الزَّوْجِ؛ لأنَّ الأَصْلَ بقاءُ النِّكاحِ، والفَسْخُ طَارِئٌ عليه، فكان القولُ قولَ مَنْ يُوافِقُ (٣٦) قولُه الأصْلَ كالمُنْكِرِ، وللشافعىِّ قَوْلان، كهذَيْنِ الوَجْهَينِ. المسألة الثانية، أن يقولَ الزَّوْجُ: أسْلَمْتِ قَبْلِى، فلا صَدَاقَ لكِ. وتقولُ هى: أسْلَمْتَ قَبْلِى، فلِى نِصْفُ الصَّداقِ. فالقولُ قولُها؛ لأنَّ المَهْرَ وَجَبَ بالعَقْدِ، والزَّوْجُ يَدَّعِى ما يُسْقِطه، والأصلُ بَقاؤُه، ولم يُعارِضْه ظاهِرٌ فبَقِىَ. فإن اتَّفَقا على أنَّ أحَدَهُما أسْلَم قبلَ صاحِبِه، ولا يَعْلَمانِ عَيْنَه، فلها نِصْفُ الصَّداقِ. كذلك ذكَره أبو الخطَّابِ. وقال القاضى: إن لم تَكُنْ قَبَضَتْ، فلا شىءَ لها؛ لأنَّها تَشُكُّ فى اسْتِحْقاقِها، فلا تَسْتَحِقُ بالشَّكِّ، وإن كان بعدَ القَبْض، لم يَرْجِعْ عليها؛ لأنَّه يَشُكُّ فى اسْتِحْقاقِ الرُّجُوعَ، فلا يَرْجِعُ مع الشكِّ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ اليَقِينَ لا يُزَالُ بالشَّكِّ، وكذلك إذا تَيَقّنَ الطَّهارةَ وشَكَّ فى الحَدَثِ، أو تَيَقّنَ الحَدَثَ وشَكَّ فى الطَّهارةِ، بَنَى على اليَقينِ، وهذه قد كان صَدَاقُها واجِبًا لها، وشَكَّا فى سُقُوطِه، فيَبْقَى على الوُجُوبِ. وأمَّا إن اخْتَلَفا بعدَ الدُّخولِ، ففيه أيضًا مَسْألتان؛ إحداهما، أن يقولَ: أسْلَمْنا معًا. أو أسْلَمَ الثانى مِنَّا فى العِدَّةِ، فنحنُ على النكاح. وتقولَ هى: بل أسْلَم الثانى بعدَ العِدَّةِ، فانْفَسَخَ النِّكاحُ. ففيه وَجْهان؛ أحدهما، القولُ قولُه؛ لأنَّ


(٣٤) فى م زيادة: "وكذلك".
(٣٥) فى م: "يتعذر".
(٣٦) فى ب: "وافق".

<<  <  ج: ص:  >  >>