للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقُلْنا بوُجُوبِ المَهْرِ، وَجَبَ على المُقَرِّ له دون صاحِبِه؛ لإِقْرارِه لها به، وإِقْرارِها ببَراءةِ صاحِبِه. وإن ماتا، وَرِثَتِ المُقَرَّ له دُونَ صاحِبِه؛ لذلك (٢٠). وإن ماتتْ هى قَبْلَهُما، احْتَمَلَ أن يَرِثَها المُقَرُّ له كما تَرِثُه، واحْتَمَلَ أن لا يُقْبَلَ إقرارُها له، كما لم تَقْبَلْه فى نَفْسِها. وإن لم تُقِرَّ لأحَدِهما إلَّا بعدَ مَوْتِه، فهو كما لو أقرَّتْ فى حَياتِه. وليس لوَرَثةِ (٢١) واحدٍ منهما الإنْكارُ لاسْتِحقاقِها؛ لأنَّ مَوْرُوثَه قد أقر لها بدَعْواه صِحَّةَ نِكاحِها وسَبْقَه بالعَقْدِ عليها. وإن لم تُقِرَّ لواحدٍ منهما، أُقْرِعَ بينهما، وكان لها مِيراثُ مَنْ تَقَعُ عليه القُرْعةُ. وإن كان أحَدُهما قد أصَابَها، فإن كان هو المُقَرَّ له، أو كانت لم تُقِرَّ لواحدٍ منهما، فلها المُسَمَّى؛ لأنَّه مُقِرٌّ لها به، وهى لا تَدَّعِى سِوَاه، وإن كانت مُقِرَّة للآخَرِ، فهى تَدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ، وهو يُقِرُّ لها بالمُسَمَّى. [فإن اسْتَوَيا] (٢٢) أو اصْطَلَحا، فلا كلامَ، وإن كان مَهْرُ المِثْلِ أَكْثَرَ، حَلَفَ على الزائدِ، وسَقَطَ. وإن كان المُسَمَّى أكثرَ، فهو مُقِرٌّ لها بالزِّيادةِ، وهى تُنْكِرُها، فلا تَسْتَحِقُّها. واللَّه أعلم.

فصل: وإن ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرأةٍ ابتداءً، فأقرَّتْ له بذلك، ثَبَتَ النِّكاحُ وتوارَثا. وقال أبو الخَطَّابِ: فى ذلك رِوَايتانِ، والصَّحيحُ أنَّه مَقْبُولٌ؛ لأنَّها رَشِيدةٌ أقَرّتْ بعَقْدٍ، يَلْزَمُها حُكْمُه، فقُبِلَ إقْرارُها، كما لو أقَرَّتْ أَنَّ وَلِيَّها باعَ أمَتَها قبلَ بُلُوغِها، [فإن أنْكَرَ] (٢٣) أَبُوها تَزْويجَها، لم يُقْبَلْ إنكارُه؛ لأنَّ الحَقَّ على غيرِه وقد أقرَّ به. وكذلك لو ادَّعَى أنَّه تَزَوَّجَ امرأةً بوَلِىٍّ وشَاهِدَيْنِ عَينَّهَما، فأقَرَّتِ المرأةُ بذلك، وأنْكَرَ الشَّاهدانِ، لم يُلْتَفَتْ إلى إنْكارِهِما؛ لأنَّ الشَّهادةَ إنَّما يُحْتاجُ إليها مع الإِنْكارِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُقْبَلَ إقرارُها مع إنْكارِ أبِيها؛ لأنَّ تَزْوِيجَها إليه دونَها. فإن ادَّعَى نِكاحَها، فلم تُصَدِّقْه حتى ماتَتْ، لم يَرِثْها. وإن مات قَبْلَها، فاعْتَرفَتْ بما قال، وَرِثَتْه؛ لكمالِ الإِقْرارِ منهما


(٢٠) فى أ، ب، م: "كذلك".
(٢١) فى أ، ب، م زيادة: "كل".
(٢٢) سقط من: ب، م.
(٢٣) فى أ، ب، م: "فأنكر".

<<  <  ج: ص:  >  >>