للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأخٍ من أَبٍ، في مَسْأَلَةٍ معهما أُمٌّ وأُخْتٌ من أبَوَيْنِ وأخْتٌ من أَبٍ، لم تُقْبَلْ شَهَادَتُهما؛ لأنَّ ثُبُوتَ نَسَبِه يُسْقِطُ أُخْتَه، فيذهبُ العَوْلُ من المَسْأَلَةِ. فإنْ لم يكُونَا وَارِثَيْنِ، أو لم يكُنْ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ، قُبِلَتْ شَهَادَتُهما، وثَبَتَ النَّسَبُ؛ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ.

فصل: وإن أقَرَّ رَجُلَانِ عَدْلَانِ بِنَسَبِ مُشَارِكٍ لهما في المِيرَاثِ، وثَمَّ وارِثٌ غَيْرُهما، لم يَثْبُتِ النَّسَبُ، إلَّا أن يَشْهَدَا به، وبهذا قال الشّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَثْبُتُ؛ لأنَّهما بَيِّنَةٌ. ولَنا، أنَّه إِقْرَارٌ من بعضِ الوَرَثَةِ، فلم يَثْبُتْ به النَّسَبُ، كالواحدِ. وفارَقَ الشَّهَادَةَ؛ لأنَّه تُعْتَبَرُ فيها العَدَالَةُ والذُّكُورِيَّةُ، والإِقْرَارُ بِخِلَافِه.

فصل: إذا أقَرَّ بِنَسَبِ مَيِّتٍ (٣٢)، صَغِيرٍ أو مَجْنُونٍ، ثَبَتَ نَسَبُه، ووَرِثَهُ. وبهذا قال الشّافِعِىُّ. ويَحْتَمِلُ أن يَثْبُتَ نَسَبُه دُونَ مِيرَاثِه؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ في قَصْدِ أَخْذِ مِيراثِه. وقال أبو حنيفةَ: لا يَثْبُتُ نَسَبُه ولا إِرْثُه؛ لذلك. ولَنا، أنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ نَسَبِه في حَيَاتِه الإِقْرَارُ به، وهو مَوْجُودٌ بعدَ المَوْتِ، فيَثْبُتُ به، كحَالَةِ الحَيَاةِ. وما ذَكَرُوهُ يَبْطُلُ بما (٣٣) إذا كان المُقَرُّ به حَيًّا مُوسِرًا، أو المُقِرُّ فَقِيرًا، فإنَّه يَثْبُتُ نَسَبُه، ويَمْلِكُ المُقِرُّ التَّصَرُّفَ في مالِه، وإِيقَافَه منه على نَفْسِه. وإن كان المُقَرُّ به كَبِيرًا عَاقِلًا، فكذلك في قولِ القاضي، وظَاهِرِ مَذْهَبِ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه لا قَوْلَ له، أشْبَهَ الصَّغِيرَ. وفيه وَجْهٌ آخَر، أنَّه لا يَثْبُتُ نَسَبُه؛ لأنَّ نَسَبَ المُكَلَّفِ لا يَثْبُتُ إلَّا بِتَصْدِيقِه، ولم يُوجَدْ. ويُجَابُ عن هذا بأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فإن ادَّعَى نَسَبَ المُكَلَّفِ في حَيَاتِه، فلم يُصَدِّقْهُ حتى ماتَ المُقِرُّ، ثم صَدَّقَه، ثَبَتَ نَسَبُه؛ لأنَّه وُجِدَ الإِقْرَارُ والتَّصْدِيقُ من المُقَرِّ به (٣٤)، فأشْبَه ما لو صَدَّقَه في حَيَاتِه. وقال أبو الخَطَّابِ: وإذا أقَرَّ رَجُلٌ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ، أو أَقَرَّتْ أن فُلَانًا زَوْجُها، فلم يُصَدِّقْهُ المُقَرُّ به (٣٥) إلَّا بعد مَوْتِه، وَرِثَه؛ لأنَّه وُجِدَ الإِقْرَارُ والتَّصْدِيقُ معا.


(٣٢) سقط من: الأصل.
(٣٣) في الأصل، م: "ما".
(٣٤) سقط من: ب.
(٣٥) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>