للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِ إِمْكانِ الرَّدِّ ومُطَالَبَةِ الغاصِبِ بالسَّعْىِ في رَدِّه، وإنَّما يَأْخُذُ القِيمَةَ لأَجْلِ الحَيْلُولةِ بينَه وبينَه، فيُعْتَبرُ ما يَقُومُ مَقَامَه، ولأنَّ مِلْكَهُ لم يَزُلْ عنه، بِخِلَافِ غيرِه.

٨٦٩ - مسألة؛ قال: (وَإذَا كَانتْ لِلْمَغْصُوبِ أُجْرَةٌ، فَعَلَى الْغاصِبِ رَدُّه، وأَجْرُ مِثْلِه مُدَّةَ مُقَامِهِ في يَديْهِ)

هذه المسألة تَشْتَمِلُ على حُكْمَيْنِ؛ أحدِهما، وُجُوبُ رَدِّ المَغْصُوبِ. والثانى، رَدُّ أُجْرَتِه. أمَّا الأَوَّلُ فإنَّ المَغْصُوبَ متى كان باقِيًا، وَجَبَ رَدُّهُ؛ لقولِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عَلَى اليَدِ مَا أخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ". رَوَاه أبو دَاوُدَ، وابنُ ماجَه، والتِّرْمِذِىُّ (١)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ. ورَوَى عبدُ اللهِ بن السّائِبِ بن يَزِيدَ، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَأْخُذُ أحَدُكُمْ مَتَاعَ صَاحِبِه لَاعِبًا (٢) جَادًّا، وَمَنْ أخَذَ عَصَا أخَيهِ فَلْيَرُدَّهَا" (٣). رَوَاهُ أبو دَاوُدَ (٤). يَعْنِى أنَّه يَقْصِدُ المَزْحَ مع صَاحِبِه بأَخْذِ مَتَاعِه، وهو جَادٌّ في إدْخَالِ الغَمِّ والغَيْظِ عليه. ولأنَّه أزَالَ يَدَ المالِكِ عن مِلْكِه بغيرِ حَقٍّ، فلَزِمَهُ (٥) إعَادَتُها. وأَجْمَعَ العُلَماءُ على وُجُوبِ رَدِّ المَغْصُوبِ إذا كان باقِيًا بحَالِه لم يَتَغَيَّرْ، ولم يَشْتَغِلْ بغَيْرِه. فإن غَصَبَ شيئا، فبَعَّدَه، لَزِمَهُ (٦) رَدُّه، وإن غَرِمَ عليه أضْعَافَ قِيمَتِه؛ لأنَّه جَنَى بِتَبْعِيدِه، فكان ضَرَرُ ذلك عليه. فإن قال الغاصِبُ: خُذْ مِنِّى أَجْرَ رَدِّه، وتَسَلَّمْهُ مِنِّى ههُنا. أو بَذَلَ له أكْثَرَ من قِيمَتِه ولا يَسْتَرِدُّه، لم (٧) يَلْزَم


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٤٢.
(٢) في ب زيادة: "ولا".
(٣) في الأصل: "فله ردها".
(٤) في: باب من يأخذ الشيء عل المزاح، من كتاب الأدب. سنن أبي داود ٢/ ٥٩٧.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء لا يحل لمسلم أن يروع مسلما، من أبواب الفتن. عارضة الأحوذى ٩/ ٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢٢١.
(٥) في الأصل: "فلزمته".
(٦) في ب، م: "فلزم".
(٧) في الأصل: "ولم".

<<  <  ج: ص:  >  >>