للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الشَّفِيعِ، لأنَّه عَادَ كما كان قبلَ البَيْعِ، ولم تَتَجَدَّدْ شَرِكَةُ غيره. والثانى، أنَّ الشَّفِيعَ أحَقُّ. ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّ حَقَّهُ أسْبَقُ فكان أَوْلَى، بَيَانُه أنَّ حَقَّ البَائِعِ ثَبَتَ بالحَجْرِ، وحَقَّ الشَّفِيعِ ثَبَتَ بالبَيْعِ، ولأنَّ (٢٩) حَقَّهُ آكَدُ؛ لأنَّه يَسْتَحِقُّ انْتِزَاعَ الشِّقْصِ من المُشْتَرِى، وممَّن نَقَلَهُ إليه، وحَقُّ البَائِعِ إنَّما يَتَعَلَّقُ بالعَيْنِ، ما دَامَتْ فى يَدِ المُشْتَرِى، ولا يَزُولُ الضَّرَرُ عنه بِرَدِّه إلى البَائِعِ، بِدَلِيلِ ما لو بَاعَهُ المُشْتَرِى لِبَائِعِه، أو وَهَبَهُ إياه، أو أقَالَه، لم يَسْقُطْ حَقُّ الشَّفِيعِ، ولأنَّ البائِعَ إنَّما يَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ فى عَيْنٍ لم يَتَعَلَّقْ بها حَقُّ الغَيْرِ، وهذه قد تَعَلَّقَ بها حَقُّ الشَّفِيعِ. الوَجْهُ الثالث، أنَّ الشَّفِيعَ إن كان طَالَبَ بالشُّفْعَةِ، فهو أحَقُّ، لأنَّ حَقَّهُ تَأَكَّدَ هنا (٣٠) بالمُطَالَبَةِ، وإن كان لم يُطَالِبْ يها، فالبَائِعُ أَوْلَى. ولأَصْحَابِ الشَّافِعِىِّ وَجْهَانِ، كالأَوَّلَيْنِ، ولهم وَجْهٌ ثَالِثٌ، أنَّ الثَّمَنَ يُؤْخَذُ من الشَّفِيعِ، فيَخْتَصُّ به البَائِعُ، جَمْعًا بين الحَقَّيْنِ، فإنَّ غَرَضَ الشَّفِيعِ فى عَيْنِ الشِّقْصِ المَشْفُوعِ، وغَرَضَ البائِعِ فى ثَمَنِه، فيَحْصُلُ ذلك بما ذَكَرْنا. وليس هذا جَيِّدًا، لأنَّ حَقَّ البائِعِ إنَّما ثَبَتَ فى العَيْنِ، فإذا صَارَ الأَمْرُ إلى وُجُوبِ الثَّمَنِ، تَعَلَّقَ بِذِمَّتِه، فساوَى الغُرَمَاء فيه.

فصل: وإن كان المَبِيعُ صَيْدًا، فأفْلَسَ المُشْتَرِى والبائِعُ مُحْرِمٌ، لم يَرْجِعْ فيه؛ لأنَّه تَمَلَّكَ الصَّيْدَ، فلم يَجُزْ مع الإحْرَامِ، كشِرَاءِ الصَّيْدِ. وإن كان البائِعُ حَلَالًا، فى الحَرَمِ، والصَّيْدُ فى الحِلِّ، فأفْلَسَ المُشْتَرِى، فَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فيه؛ لأنَّ الحَرَمَ إنَّما يَحْرُمُ الصَّيْدُ الذى فيه، وهذا ليس مِن صَيْدِه، فلا يَحْرُمُ، ولو أفْلَسَ المُحْرِمُ، وفى مِلْكِه صَيْدٌ، بَائِعُه حَلالٌ، فله أخْذُه؛ لأنَّ المانِعَ غيرُ مَوْجُودٍ فى حَقِّه.

فصل: وإذا أفْلَسَ، وفى يَدِه عَيْنُ مَالٍ دَيْنُ بَائِعها مُؤَجَّلٌ، وقُلْنا: لا يَحِلُّ الدَّيْنُ


(٢٩) فى م: "ولأنه".
(٣٠) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>