للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجبِ القِصاصُ، وإن نَفَيا نَسَبَه، لم يَنْتَفِ بقَوْلِهما، وإن نَفَاه أحَدُهما، لم يَنْتَفِ بقَوْلِه؛ لأنَّه لَحِقَه بالفِرَاشِ، فلا يَنْتَفِى إلَّا باللِّعانِ. وفارَقَ التي قبلَها من وَجْهَيْنِ؛ أحدهما [أنَّ أحدَهما] (٩) إذا رَجَعَ عن دَعْواه، لَحِقَ الآخَرَ، وههُنا لا يَلْحَقُ بذلك. والثاني، أنَّ ثُبُوتَ نَسَبِه ثَمَّ بالاعْتِرافِ، فيَسْقُطُ بالجَحْدِ، وههُنا يثْبتُ (١٠) بالاشْتِراكِ في الوَطْءِ، فلا يَنْتَفِى بالجَحْدِ. ومذهبُ الشافعيِّ في هذا الفصلِ كما قُلْنا، سَواءً.

فصل: ولو قَتَلَ أحدُ الأبَوَيْنِ صاحِبَه، ولهما ولدٌ، لم يجبِ القِصاصُ؛ لأنَّه لو وَجَبَ لوَجَبَ لوَلَدِه، ولا يجبُ للولدِ قِصاصٌ على والدِه؛ لأنَّه إذا لم يَجِبْ بالجِنايةِ عليه، فلأَن لا يَجِبَ له بالجنايةِ على غيرِه أَوْلَى، وسَواءٌ كان الولدُ ذكرًا أو أُنْثَى، أو كان للمَقْتُولِ ولدٌ سِواهُ، أو مَنْ يُشارِكُه في الميراثِ، أو لم يكُنْ؛ لأنَّه لو ثَبَتَ القِصاصُ، لَوَجَبَ له جزءٌ منه، ولا يُمْكِنُ وُجُوبُه، وإذا لم يَثْبُتْ بعضُه، سَقَطَ كلُّه؛ لأنَّه لا يتَبَعَّضُ، وصار كما لو عَفَا بعضُ مُسْتَحِقِّ القِصاصِ عن نَصِيبِه منه. فإن لم يكُنْ للمَقْتُولِ ولدٌ منهما، وَجَبَ القِصاصُ، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم عمرُ بن عبد العزيزِ، والنَّخَعِيُّ، والثَّوْرِيُّ، والشافعيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. وقال الزُّهْرِيُّ: لا يُقْتَلُ الزَّوْجُ بامْرأتِه؛ لأنَّه مَلَكَها (١١) بعَقْدِ النكاحِ، فأشْبَهَ الْأَمَةَ. ولَنا، عُموماتُ النَّصِّ، ولأنَّهما شَخْصانِ مُتكافئانِ، يُحَدُّ كلُّ واحدٍ منهما بقَذْفِ صاحِبِه، فيُقْتَلُ به، كالأجْنَبِيَّيْنِ. وقولُه: إنَّه مَلَكَها. غيرُ صحيحٍ، فإنَّها حُرَّةٌ، وإنما مَلَكَ منفعةَ الاسْتِمْتاعِ، فأشْبَهَ المُسْتَأْجرةَ، ولهذا تجبُ دِيَتُها عليه، ويَرِثُها وَرَثَتُها، ولا يَرِثُ منها إلَّا قَدْرَ مِيراثِه، ولو قَتَلَها غيرُه، كانت دِيَتُها أو القِصاصُ لوَرَثَتِها، بخلافِ الْأَمَةِ.

فصل: ولو قَتَلَ رجلٌ أخاه، فوَرِثَه ابْنُه، أو أحدًا (١٢) يَرِثُ ابنُه منه شيئًا من مِيراثِه،


(٩) سقط من: الأصل، م.
(١٠) في ب: "ثبت".
(١١) في ب: "ملكه".
(١٢) في م: "أحد".

<<  <  ج: ص:  >  >>