للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يَثْبُتَ لِمُدَّعِيه، ويُؤْجِرُه، ويَحْفَظُ أُجْرَتَه لِمَالِكِه. والثالث، يُدْفَعُ إلى مُدَّعِيه لِعَدَمِ المُنَازِعِ فيه. ومذهبُ الشّافِعِىِّ في هذا الفَصْلِ كلِّه كنَحْوِ ما ذَكَرْنَا.

٨٥٨ - مسألة؛ قال: (وَكُلُّ مَنْ قُلْت: الْقَوْلُ قَوْلُه. فَلِخَصْمِهِ عَلَيْهِ اليَمِينُ)

يَعْنِى في هذا البابِ وفيما أشْبَهَهُ، مثل أن يقولَ: عِنْدِى أَلْفٌ. ثم قال: وَدَيعَةً. أو قال: عَلَىَّ. ثم قال: وَدِيعَةً. أو قال: له عِنْدِى رَهْنٌ. فقال المالِكُ: وَدِيعَة. ومثل الشَّرِيكِ والمُضَارِبِ والمُنْكِرِ لِلدَّعْوَى، وإذا اخْتَلَفَا في قِيمَةِ الرَّهْنِ أو قَدْرِه، أو قَدْرِ الدَّيْنِ الذي الرَّهْنُ به، وأشْبَاه هذا، فكُلُّ مَن قُلْنا (١): القَوْلُ قولُه. فعليه لِخَصْمِه اليَمِينُ، لِقَوْلِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ أُعْطِىَ النَّاسُ بِدَعَاوِيهِمْ لَادَّعَى قَوْمٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وأَمْوَالَهُمْ، ولكِنَّ اليَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). ولأنَّ اليَمِينَ يُشْرَعُ في حَقِّ مَن ظَهَرَ صِدْقُه، وقَوِىَ جانِبُه، تَقْوِيَةً لِقَوْلِه واسْتِظْهَارًا، والذي جُعِلَ القَوْلُ قولُه كذلك، فيَجِبُ أن تُشْرَعَ اليَمِينُ في حَقِّه.

فصل: إذا أَقَرَّ أنَّه وَهَبَ وأَقْبضَ الهِبَة، أو رَهَنَ وأَقْبَضَ، أو أقَرَّ (٣) أنَّه قَبَضَ ثَمَنَ (٤) المَبِيعِ، أو أجْرَ المُسْتَأْجَرِ، ثم أنْكَرَ ذلك، وسَأَلَ إحْلَافَ خَصْمِه، ففيه رِوَايَتَانِ؛ إحْداهُما، لا يُسْتَحْلَفُ. وهو قولُ أبى حنِيفةَ، ومحمدٍ؛ لأنَّ دَعْواهُ تَكْذِيبٌ لإِقْرارِه، فلا تُسْمَعُ، كما لو أقَرَّ المُضَارِبُ أنَّه رَبِحَ أَلْفًا، ثم قال: غَلِطْتُ. ولأنَّ الإِقْرَارَ أقْوَى من البَيِّنَةِ، ولو شَهِدَتِ البَيِّنَةُ (٥) فقال: أحْلِفُوه لي مع بَيِّنَتِه. لم يُسْتَحْلَفْ، كذا ههُنا. والثانية، يُسْتَحْلَفُ. وهو قولُ الشَّافِعِىِّ، وأبى يوسفَ؛ لأنَّ العادَةَ جَارِيَةٌ بالإِقْرَارِ قبلَ القَبْضِ، فيَحْتَمِلُ صِحّةَ ما قالَه، فيَنْبَغِى أن يُسْتَحْلَفَ خَصْمُه لِنَفْى الاحْتِمَالِ.


(١) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٢) تقدم تخريجه في: ٦/ ٥٢٥.
(٣) سقط من: ب، م.
(٤) سقط من: م.
(٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>