يَقولوا هذه الكَلِمَةِ، ولكنَّها فى حَدِيثِ مَعْنٍ. ولأنّ كُلَّ واحدٍ مِنهما مُدَّعٍ ومُنْكِرٌ، فَيُشْرَعُ اليَمِينُ، كحالِ قِيامِ السِّلْعَةِ، وما ذَكَرُوه مِن المَعْنَى يَبْطُلُ بحالِ قِيامِ السِّلْعَةِ، فإنّ ذلك لا يَخْتَلِفُ بِقِيامِ السِّلْعَةِ وتَلَفِها. وقولُهم: تَرَكْناه للحَدِيثِ. قُلْنا: ليس فى الحَدِيثِ: "تَحَالَفا"، وليس ذلك بثابِتٍ فى شىءٍ مِن الأخبارِ. قال ابنُ المُنْذِرِ: وليس فى هذا البابِ حَدِيثٌ يُعْتَمَدُ عليه. وعلى أنّه إذا خُولِفَ الأصلُ لِمَعْنًى، وَجَبَ تَعْدِيَةُ الحُكْمِ بِتَعَدِّى ذلك المَعْنَى، فنَقِيسُ عليه، بل يَثْبُتُ الحُكْمُ بالبَيِّنَةِ، فإنّ التَّحالُفَ إذَا ثَبَتَ مع قِيامِ السِّلْعَةِ، مع أنّه يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ ثَمَنِها للمَعْرِفَةِ بِقِيمَتِها، فإنّ الظّاهِرَ أنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ بالقِيمَةِ، فمع تَعَذُّرِ ذلك أوْلَى. فإذا تَحَالَفا، فإنْ رَضِىَ أحَدُهما بما قال الآخَرُ، لم يُفْسَخِ العَقْدُ، لعَدَمِ الحاجَةِ إلى فَسْخِه، وإنْ لم يَرْضَيا، فلكُلِّ واحِدٍ مِنهما فَسْخُه، كما له ذلك فى حالِ بقاءِ السِّلْعَةِ، ويُرَدُّ الثَّمَنُ الذى قَبَضَه البائِعُ إلى المُشْترِى، ويَدْفَعُ المُشْتَرِى قِيمَةَ السِّلْعَةِ إلى البائِعِ، فإنْ كان مِن جِنْسٍ واحدٍ، وتساويا بعد التَّقابُضِ، تَقَاصّا. ويَنْبَغِى أنْ لا يُشْرَعَ التَّحالُفُ ولا الفَسْخُ، فيما إذا كانت قِيمَةُ السِّلْعَةِ مُساوِيَةً لِلثَّمَنِ الذى ادَّعاه المُشْتَرِى، ويَكُونُ القولُ قولَ المُشْتَرِى مع يَمِينِه، لأنّه لا فائِدَةَ فى يَمِينِ البائِعِ، ولا فَسْخِ البَيْعِ؛ لأنّ الحاصِلَ بذلك الرُّجُوعُ إلى ما ادَّعاه المُشْتَرِى، وإنْ كانت القِيمَةُ أقَلَّ، فلا فائِدَةَ للبائِعِ فى الفَسْخِ، فيَحْتَمِلُ أنْ لا يُشْرَعَ له اليَمِينُ ولا الفَسْخُ؛ لأنّ ذلك ضَرَرٌ عليه مِن غيرِ فائِدَةٍ، ويَحْتَمِلُ أنْ يُشْرَعَ لتَحْصُلَ (٥) الفائِدَةُ للمُشْتَرِى. ومتى اخْتَلَفا فى قِيمَةِ السِّلْعَةِ، رَجَعا إلى قِيمَةِ مِثْلِها، مَوْصُوفًا بِصِفَاتِها، فإنِ اخْتَلَفا فى الصِّفَةِ، فالقولُ قولُ المُشْتَرِى مع يَمِينِه، لأنّه غارِمٌ، والقولُ قولُ الغارِمِ.
فصل: وإنْ تَقَايَلَا المَبِيعَ، أو رُدَّ بِعَيْبٍ بعدَ قَبْضِ البائِعِ الثَّمَنَ، ثم اخْتَلَفا فى