للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن أكَلَ مِمَّا (١٤) مُنِعَ من أَكْلِه، ضَمِنَه بمِثْلِه لَحْمًا؛ لأنَّ الجَمِيعَ مَضْمُونٌ عليه بمِثْلِه حَيَوَانًا، فكذلك أبْعَاضُه. وكذلك إن أعْطَى الجازِرَ منها شيئا ضَمِنَه بمِثْلِه. وإن أطْعَمَ غَنِيًّا منها، على سَبِيلِ الهَدِيَّةِ، جَازَ، كما يجوزُ له ذلك فى الأُضْحِيَّةِ؛ لأنَّ ما مَلَكَ أكْلَه مَلَكَ هَدِيَّتَه. وإن بَاعَ شيئا منه (١٥)، أو أتْلَفَهُ، ضَمِنَه بمِثْلِه؛ لأنَّه مَمْنُوعٌ من ذلك، فأشْبَهَ عَطِيَّتَهُ لِلْجَازِر. وإن أَتْلَفَ أَجْنَبِىٌّ منه شيئا، ضَمِنَهُ بقِيمَتِه؛ لأنَّ المُتْلَفَ مِن غيرِ ذَوَاتِ الأمْثَالِ، فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُه، كما لو أتْلَفَ لَحْمًا لآدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ.

فصل: والهَدْىُ الوَاجِبُ بغيرِ النَّذْرِ يَنْقَسِمُ قِسمَيْنِ؛ مَنْصُوصٌ عليه، ومَقِيسٌ على المَنْصُوصِ. فأمَّا المَنْصُوصُ عليه فأرْبَعَةٌ، اثنَانِ على التَّرْتِيبِ، والوَاجِبُ فيهما ما اسْتَيْسَرَ من الهَدْىِ، وأَقَلُّه شَاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ، أحدُهما دَمُ المُتْعَةِ، قال اللهُ تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} (١٦). الثانى، دَمُ الإحْصَارِ، قال اللهُ تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. وهو على التَّرْتِيب أَيْضًا، إن لم يَجِدْهُ انْتَقَلَ إلى صِيَامِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ. [وإنَّما وَجَبَ تَرْتِيبُه؛ لأنَّ اللهَ تعالى أمَرَ به مُعَيَّنًا من غيرِ تَخْيِيرٍ، فاقْتَضَى تَعْيِينُه الوُجُوبَ (١٧)، وأن لا يَنْتَقِلَ عنه إلَّا عندَ العَجْزِ، كسَائِرِ الوَاجِبَاتِ المُعَيَّنَةِ، فإن لم يَجِدْهُ، انْتَقَلَ إلى صِيَامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ] (١٨) بالقِيَاسِ على دَمِ المُتْعَةِ، إلَّا أنَّه لا يَحِلُّ حتى يَصُومَها. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ. وقال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ: لا بَدَلَ له، لأنَّه لم يُذْكَرْ فى القُرْآنِ. وهذا لا يَلْزَمُ، فإنَّ عَدَمَ ذِكْرِهِ


(١٤) فى ب، م: "منهاما".
(١٥) فى ب، م: "منها".
(١٦) سورة البقرة ١٩٦.
(١٧) فى الأصل: "بالوجوب".
(١٨) سقط من: أ. نقلة نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>