للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَاعِيًا، فأَخَذَ الصَّدَقَةَ من أَغْنِيَائِنَا فَرَدَّها في فُقَرَائِنَا، وكنتُ غُلَامًا يَتِيمًا لا مَالَ لي، فأعْطَانِي قَلُوصًا (٣٥).

فصل: وإذا دَفَعَ الزكاةَ إلى مَن يَظُنُّه فَقِيرًا، لم يَحْتَجْ إلى إعْلَامِهِ أنَّها زَكَاةٌ. قال الحسنُ: أترِيدُ أن تُقَرِّعَهُ، لا تُخْبِرْهُ؟ وقال أحمدُ بنُ الحسينِ: قلتُ لأحمدَ: يَدْفَعُ الرَّجُلُ الزكاةَ إلى الرَّجُلِ، فيقولُ: هذا من الزَّكَاةِ. أو يَسْكُتُ؟ قال: ولِمَ يُبَكِّتُه بهذا القَوْلِ؟ يُعْطِيهِ ويَسْكُتُ، وما حَاجَتُهُ إلى أن يُقَرِّعَهُ؟

٤٢٤ - مسألة؛ قال: (ولَا يُعْطِى مِنَ الصَّدَقَةِ المَفْرُوضَةِ لِلْوَالِدَيْنِ، وإنْ عَلَوْا، ولا لِلْوَلَدِ، وإن سَفَلَ)

قال ابْنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ الزَّكاةَ لا يجوزُ دَفْعُها إلى الوَالِدَينِ، في الحالِ التي يُجْبَرُ الدَّافِعُ إليهم على النَّفَقَةِ عليهم، ولأنَّ دَفْعَ زَكَاتِه إليهم تُغْنِيهِم عن نَفَقَتِه، وتُسْقِطُها عنه، ويَعُودُ نَفْعُها إليه، فكَأنَّه دَفَعَها إلى نَفسِه، فلم تَجُزْ، كما لو قَضَى بها دَيْنَهُ، وقولُ الخِرَقِيِّ: "للوَالِدَينِ" يَعْنِي الأبَ والأمَّ. وقَوْلُه: "وإن عَلَوْا" يَعْنِي آبَاءَهما وأُمَّهَاتِهما، وإن ارْتَفَعَتْ دَرَجَتُهُمْ من الدَّافِعِ، كأبَوَي الأبِ، وأبوَيِ الأمِّ، وأَبَوَيْ كُلِّ وَاحِدٍ منهم، وإن عَلَتْ دَرَجَتُهُم، مَنْ يَرِثُ منهم ومَنْ لا يَرِثُ. وقَوْلُه: "والوَلَدِ وإن سَفَلَ" يَعْنِي وإن نَزَلَتْ دَرَجَتُه من أولَادِهِ البَنِينَ والبَنَاتِ، الوَارِثِ وغيرِ الوَارِثِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فقال: لا يُعْطِى الوَالِدَينِ من الزكاةِ، [ولا الوَلَدَ] (١) ولا وَلَدَ الوَلَدِ، ولا الجَدَّ ولا الجَدَّةَ ولا وَلَدَ البِنْتِ، قال النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ ابْنِي هذَا سَيِّدٌ" (٢). يَعْنِي الحسنَ، فجَعَلَهُ ابْنَهُ، ولأنَّه من عَمُودَيْ


(٣٥) القلوص من الإبل: الفتية المجتمعة الخلق.
(١) سقط من: أ، م.
(٢) أخرجه البخاري، في: باب قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للحسن. . .، من كتاب الصلح، وفي: باب علامات النبوة في الإسلام، من كتاب المناقب، وفي: باب الحسن والحسين، من كتاب فضائل الصحابة، وفي: باب قول =

<<  <  ج: ص:  >  >>