للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل: ولا يَثْبُتُ أنَّها أمَةٌ بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فإن أقامَ (٥١) بذلك بَيِّنةً، ثَبَتَ. وإن أقَرَّتْ أنَّها أمَةٌ، فقال أحمدُ، فى رِوايةِ إلى الحارثِ: لا يَسْتَحِقُّها بإقْرارِها؛ وذلك لأنَّ إقْرَارَها يُزِيلُ النِّكاحَ عنها، ويُثْبِتُ حقًّا على غيرِها، فلم يُقْبَلْ، كإقْرارِها بمالٍ على غيرِها. وقال، فى رِوايةِ حَنْبَلٍ: لا شىءَ له حتى يُثْبِتَ، أو تُقِرَّ هى أنها أمَتُه (٥٢). فظاهِرُ هذا أنَّه يُقْبَلُ إقْرارُها؛ لأنَّها مُقِرَّةٌ على نَفْسِها بالرِّقِّ، أشْبَهَ غيرَ الزَّوْجةِ. والأَوّلُ أَوْلَى. ولا نُسَلِّمُ أنَّه يُقْبَلُ من غيرِ ذات الزَّوْجِ إقْرَارُها بالرِّقِّ بعدَ إقْرارِها بالحُرِّيَّةِ؛ لأنَّها أقَرَّتْ بما يَتَعَلَّقُ به حَقُّ اللَّهِ تعالى.

فصل: إذا حَمَلَتِ المَغْرُورُ بها، فضَرَبَ بَطْنَها ضارِبٌ، فأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، فعلى الضاربِ غُرَّةٌ؛ لأنَّ هذا الجَنِينَ محكومٌ بحُرِّيَّتِه، ويَرِثُها ورَثَتُه مَنْ كانوا، وعلى الضَّاربِ كَفَّارةُ القَتْلِ. وإن كان الضاربُ أباه، لم يَرِثْه، ووَرِثَه أقارِبُه. ولا يَجِبُ بَذْلُ هذا الولدِ للسَّيِّدِ؛ لأنَّه إنَّما يسْتَحِقُّ بَذْلَ حَىٍّ، وهذا مَيِّتٌ. ويَحْتَمِلُ أن يَجِبَ له عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ؛ لأنَّ الواطئَ فَوّتَ ذلك عليه باعْتِقادِ الحُرِّيةِ، ولَوْلاه لوَجَبَ له ذلك.

فصل: إذا تَزَوَّجتِ المرأةُ عبدًا على أنَّه حُرٌّ، فالنِّكاحُ صحيحٌ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وأحدُ قَوْلَىِ الشافعىِّ؛ لأنَّ اخْتِلافَ الصِّفَةِ لا يَمْنَعُ صِحّةَ العقدِ، كما لو تَزَوّجَ أمَةً على أنَّها حُرَّةٌ. وهذا إذا كمَلتْ شُرُوطُ النِّكاحِ، وكان ذلك بإذْنِ سَيِّدِه. وإن كانت المرأةُ حُرّةً، وقُلْنا: الحُرِّيةُ ليست من شُرُوطِ الكَفاءةِ. أو أَنَّ فَقْدَ الكفاءةِ لا يُبْطِلُ النِّكاحَ. فهو صحيحٌ، وللمَرْأةِ الخِيارُ بين الفَسْخِ والإِمْضاءِ، فإن اختارتْ إمْضاءَه، فلأَوْلِيائِها الاعْتراضُ عليها لعَدَمِ الكَفاءةِ. وإن كانت أمَةً فينْبَغِى أن يكونَ لها الخِيارُ أيضًا؛ لأنَّه لمَّا ثَبَتَ الخِيارُ للعَبْدِ إذا غُرَّ بأمَةٍ (٥٣)، ثَبَتَ للأَمَةِ إذا غُرَّتْ بعَبْدٍ. وكلُّ


(٥١) فى م: "قام".
(٥٢) فى م: "أمة".
(٥٣) فى أ، ب، م: "من أمة".

<<  <  ج: ص:  >  >>