للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمومَ، لَوَجَبَ تخْصِيصُه، فإنَّ ما دونَ النِّصابِ مالٌ، ولا زكاةَ فيه. فإنْ حَلَفَ لا مالَ له، وله دَيْنٌ، حَنِثَ. ذَكرَه أبو الخَطَّاب. وهو قولُ الشافِعِىِّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يُنْتَفَعُ به. ولَنا، أنَّه يَنْعَقِدُ عليه (٧٨) حَوْلُ الزَّكاةِ، ويصِحُّ إخْراجُها عنه، ويصِحُّ التَّصَرُّفُ فيه بالإِبْرَاءِ، والحَوالَةِ، والمُعاوَضَةِ عنه لمَنْ هو فى ذِمَّتِه، والتَّوْكيلِ فى اسْتِيفائِه، فيَحْنَثُ به، كالمُودَعِ. وإِنْ كانَ له مالٌ مَغْصوبٌ، حَنِثَ؛ لأنَّه باقٍ على مِلْكِه. وإن كان له مالٌ ضائِعٌ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما: يَحْنَثُ؛ لأنَّ الأصْلَ بقاؤُه على مِلْكِه. والثانى، لا يَحْنَثُ؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ بَقاؤُه. وإِنْ ضاعَ على وَجْهٍ قد أيِسَ (٧٩) من عَوْدِه، كالذى سقَط (٨٠) فى بحرٍ، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ وُجودَه كعَدَمِه. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يَحْنَثَ فى كُلِّ مَوْضِعٍ لا يقدِرُ على أخْذِ مالِه، كالمَجْحُودِ، والمَغْصُوبِ، والذى على غيرِ مَلِىءٍ؛ لأنَّه لا نَفْعَ فيه، وحُكْمُه حكُم المَعْدُومِ، فى جَوازِ الأخْذِ من الزَّكاةِ، وانْتفاءِ وجُوبِ أدائِها (٨١) عنه. وإِنْ تَزَوَّجَ لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ ما مَلَكَه (٨٢) ليس بمالٍ. وإِنْ وَجَبَ له حقُّ شُفْعَةٍ، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لم (٨٣) يثْبُتْ له المِلْكُ به. وإِنْ اسْتَأْجَرَ عَقارًا أو غيرَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّه لا يُسَمَّى مالِكًا لمالٍ.

١٨٤٥ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ (١) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا، فَأَكَلَ الشَّحْمَ، أو الْمُخَّ، أو الدِّمَاغَ، لَمْ يَحْنَثْ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أرَادَ اجْتِنَابَ الدَّسَمِ، فَيَحْنَثُ بأَكْلِ الشَّحْمِ)

وجملتُه أَنَّ الحالِفَ على تَرْكِ أكْلِ اللَّحْمِ، لا يَحْنَثُ بأَكْلِ ما ليس بلَحْمٍ، من الشَّحْمِ والْمُخِّ، وهو الذى فى العِظامِ، والدِّماغِ، وهو الذى فى الرَّأسِ فى قِحْفِه، ولا الكَبِدِ،


(٧٨) فى ب: "به".
(٧٩) فى م: "يئس".
(٨٠) فى م: "يسقط".
(٨١) فى أ، م زيادة: "عليه".
(٨٢) فى ب، م: "يملكه".
(٨٣) سقط من: ب.
(١) ب، م: "ولو".

<<  <  ج: ص:  >  >>