للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأعيْانِ، كالزِّنَى، وما ذكرَه يَبْطُلُ بالغَزْل إذا نُسِجَ، والرُّطَبِ إذا أتْمَرَ، ولا نُسَلِّمُ حَدَّ القذفِ، فإنَّه متى قَذَفَه بغيرِ ذلك الزِّنَى حُدَّ، وإن قذَفه بذلك الزِّنَى عَقيبَ حَدِّه، لم يُحَدَّ؛ لأنَّ الغَرَضَ إظْهارُ كَذِبِهِ وقد ظَهَرَ، وههُنا الغَرَضُ رَدْعُه عن السَّرِقَةِ، ولم يرتدعْ بالأوَّلِ، فَيُرْدَعُ بالثانى، [كما يُرْدَعُ] (٢٣) إذا سَرَقَ عَيْنًا أُخْرَى.

فصل: ومن سَرَقَ ولا يُمْنَى له، قُطِعَتْ رِجْلُه الْيُسْرَى، كما يُقْطَعُ في السَّرِقَةِ الثانية، وإن كانتْ يُمْناه شَلَّاءَ، ففيها رِوَايتَان؛ أحدهما، تُقْطَعُ رِجْلُه اليُسْرَى؛ لأنَّ الشَّلَّاءَ لا نَفْعَ فيها ولا جَمَالَ، فأشْبَهتْ كَفًّا لا أصابعَ عليه. قال إبراهيمُ الحَرْبِىُّ، عن أحمد، في مَن سَرَقَ ويُمْناه جافَّةٌ: تُقْطَعُ رِجْلُه. والرِّوايةُ الثانية، أنَّه يُسْألُ أهلُ الخِبْرَةِ، فإنْ قالوا: إنَّها إذا قُطِعَتْ رَقَأَ دمُها، وانْحسَمَتْ عُروقُها. قُطِعَتْ؛ لأنَّه أمْكَنَ قَطْعُ يَمِينهِ فوجبَ، كما لو كانت صحيحةً. وإن قالوا: لا يَرْقَأُ دمُها. لم تُقْطَعْ؛ لأنَّه يُخافُ تَلفُه، وقُطِعَتْ رِجْلُه. وهذا مذهب الشافعىِّ. وإن كانتْ أصابِعُ اليُمْنى كلُّها ذاهِبَةً ففيها وَجْهان؛ أحدُهما، لا تُقْطَعُ، وتُقْطَعُ الرِّجْلُ؛ لأنَّ الكَفَّ لا تجبُ فيه دِيَةُ اليَدِ، فأشْبَهَ الذِّرَاعَ. والثانى, تُقْطَعُ؛ لأنَّ الرَّاحَةَ بعضُ ما يُقْطَعُ في السَّرِقَةِ، فإذا كان موجودًا قُطِعَ، كما لو ذهَبَتِ (٢٤) الخِنْصَرُ أو البِنْصَرُ. وإن ذهبَ بعضُ الأصابعِ، نَظَرْنا؛ فإن ذَهَبَتِ (٢٤) الخِنْصَرُ والبِنْصَرُ، أو ذهبتْ واحِدَةٌ سِوَاهما، قُطِعَتْ؛ لأنَّ معظمَ نَفْعِها باقٍ، وإن لم يَبْقَ الَّا واحِدَةٌ، فهى كالتى ذهبَ جميعُ أصابِعِها، وإن بقِىَ اثنْتانِ، فهل تُلْحَقُ بالصَّحِيحَةِ، أو بما قُطِعَ جَمِيعُ أصابِعِها؟ على وَجْهين. والأَوْلَى قَطْعُها؛ لأنَّ نَفْعَها لم يَذْهَبْ بالكُلِّيَّةِ.

فصل: ومن سَرَقَ وله يُمْنَى، فقُطِعَتْ في قِصَاصٍ، أو ذهبَتْ بِأكِلَةٍ (٢٥)، أو


(٢٣) في م: "كالمودع".
(٢٤) في ب، م: "ذهب".
(٢٥) الأكلة والآكلة: الحِكَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>