للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: أرْبعةُ إخْوةٍ، قَتَلَ الأوَّلُ الثانِي، والثالثُ الرابعَ، فالقِصاصُ على الثالثِ؛ لأنَّه لمَّا قَتَلَ الرابعَ، لم يَرِثْه، ووَرِثَه الأوَّلُ وَحْدَه (٢٦)، وقد كان للرَّابعِ نِصْفُ قِصاصِ الأوَّل، فرَجَعَ نصفُ قِصاصِه إليه، فسَقَطَ، ووَجَبَ للثالثِ نصفُ الدِّيَةِ، وكان للأوَّلِ قَتْلُ الثالثِ؛ لأنَّه لم يَرِثْ من دَمِ نفْسِه شيئًا، فإن قتَلَه، وَرِثَه في ظاهرِ المذهبِ، ويَرِثُ ما يَرِثُه عن أخِيه الثاني، وإن عَفَا عنه إلى الدِّيَةِ، وجَبَتْ عليه بكمالِها يُقاصّه بنِصْفِها. وإن كان لهما وَرَثةٌ، كان فيها من التَّفْصيلِ مثلُ [الذي في] (٢٧) التي قَبْلَها.

١٤٢٧ - مسألة؛ قال: (ويُقْتَلُ الوَلَدُ بِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا)

هذا قولُ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. وحَكَى أصحابُنا عن أحمدَ، روايةً ثانيةً، أنَّ الابنَ لا يُقْتَلُ بأبِيه؛ لأنَّه ممَّن لا تُقْبَلُ شَهادَتُه له بحَقِّ النَّسَبِ، فلا يُقْتَلُ به، كالأبِ مع ابْنِه. والمذهبُ أنَّه يُقْتَلُ به؛ للآياتِ، والأخْبارِ، ومُوافقةِ القياسِ، ولأنَّ الأبَ أعْظَمُ حُرْمةً وحَقًّا من الأجْنَبِيِّ، فإذا قُتِلَ بالأجْنَبِيِّ، فبالأبِ أَوْلَى، ولأنَّه يُحَدُّ بقَذْفِه، فيُقْتَلُ به، كالأجْنَبِيِّ. ولا يَصِحُّ قِياسُ الابنِ على الأبِ؛ لأنَّ حُرْمةَ الوالدِ على الوَلَدِ آكَدُ، والابنُ مُضافٌ إلى أبِيه بلامِ التَّمْليكِ، بخِلافِ [الوالدِ مع الولدِ] (١). وقد ذكر أصْحابُنا حديثيْنِ مُتعارِضَيْنِ عن سُراقةَ، عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ أحدهما، أنَّه قال: "لَا يُقَادُ الْأبُ مِن ابْنِهِ، وَلَا الابْنُ مِنْ أَبِيه". والثاني أنَّه كان يُقيدُ الأبَ مِنَ ابْنِه، ولا يُقيدُ الابْنَ من أبِيه. رواه الترمِذِيُّ (٢). وهذان الحديثان؛ (٣) الحديثُ الأوَّلُ لا نَعْرِفُه، ولم نَجِدْه في كُتُبِ السُّنَنِ المشهورةِ، ولا أظُنُّ له


(٢٦) سقط من: م.
(٢٧) سقط من: ب.
(١) في ب: "الولد مع الوالد".
(٢) سقط من: الأصل. وأخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الرجل يقتل ابنه يقاد منه أم لا، من أبواب الديات. عارضة الأحوذي ٦/ ١٧٤.
كما أخرجه الدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني ٣/ ١٤٢.
(٣) في م زيادة: "أما".

<<  <  ج: ص:  >  >>