للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهما بالقَتْلِ، احْتَمَلَ أن يُبْدَأَ بقَتْلِ القاتلِ الأوَّلِ؛ لأنَّه أسْبَقُ، واحْتَمَلَ أن يُقْرَعَ بينهما. وهذا قولُ القاضِي، ومذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّهما تساوَيا في الاسْتِحقاقِ، فيَصِيرَا (١٩) إلى القُرْعةِ، وأيُّهما قَتَلَ صاحِبَه أوَّلًا، إمَّا بمُبادَرةٍ (٢٠) أو قُرْعةٍ، وَرِثَه، في قياسِ المذهبِ، إن لم يكنْ له وارثٌ سِوَاهُ، وسَقَطَ عنه القِصاصُ، وإن كان مَحْجُوبًا عن مِيراثه كلِّه، فلِوَارِثِ القتيلِ قَتْلُ الآخَرِ. وإن عَفَا أحدُهما عن الآخَرِ، ثم قَتَلَ المَعْفُوُّ عنه العافِيَ، وَرِثَه أيضًا، وسَقَطَ عنه ما وَجَبَ عليه من الدِّيَةِ. وإن تعافَيَا جميعًا على الدِّيَةِ، تَقَاصَّا بما اسْتَوَيا فيه، ووَجَبَ لقاتِلِ (٢١) الأُمِّ الفَضْلُ على قاتلِ الأبِ؛ لأنَّ عَقْلَ الأُمِّ نِصْفُ عَقْلِ الأبِ. ويتَخَرَّجُ أن يَسْقُطَ القِصاصُ عنهما؛ لِتَساوِيهِما في اسْتِحقاقِه، كسُقوطِ (٢٢) الدِّيَتيْنِ إذا تَساوَتَا، ولأنَّه لا سَبِيلَ إلى اسْتِيفائِهِما معًا (٢٣)، واسْتِيفاءُ أحَدِهما دُونَ الآخَرِ حَيْفٌ، فلا يَجوزُ، فتعَيَّنَ السُّقُوطُ. وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما ابنٌ يَحْجُبُ عَمَّه عن (٢٤) ميراثِ أبِيه، فإذا قَتَلَ أحدُهما صاحِبَه، وَرِثَه ابنُه، ثم لِابْنِه أن يَقْتُلَ عَمَّه، ويَرِثُه ابنُه، ويَرِثُ كلُّ واحدٍ من الابْنَيْنِ مالَ أبِيه ومالَ جَدِّه الذي قَتَلَه عَمُّه دُونَ الذي قتَلَه أَبُوه. وإن كان لكلِّ واحدٍ منهما بنتٌ (٢٥)، فقَتَلَ أحَدُهما صاحِبَه، سَقَطَ القِصاصُ عنه؛ لأنَّه وَرِثَ نصفَ مالِ أخِيه ونصفَ قِصاصِ نَفْسِه، فسَقَطَ عنه القِصاصُ، ووَرِثَ مالَ أبِيه الذي قتَلَه أخُوه ونِصْفَ مالِ أخِيه ونصفَ مالِ أبيه الذي قَتَلَه هو، ووَرِثَتِ البنتُ التي قُتِلَ أبُوها نِصْفَ مالِ أبيها ونصفَ مالِ جَدِّها الذي قتَلَه عَمُّها، ولها على عَمِّها نصفُ دِيَةِ قَتِيلِه.


(١٩) في الأصل: "فيصير".
(٢٠) في ب: "بمبادرته".
(٢١) في م: "القاتل".
(٢٢) في م: "لسقوط".
(٢٣) سقط من: م.
(٢٤) في ب: "من".
(٢٥) في م: "ابنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>