للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفْعَها إلى الإمامِ جائزٌ (٢٢)، سَوَاءٌ كان عَادِلًا أو غيرَ عَادِلٍ، وسَوَاءٌ كانت من الأمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أو البَاطِنَةِ، وَيبْرأُ بِدَفْعِها سَوَاءٌ تَلِفَتْ في يَد الإمَامِ أو لم تَتْلَفْ، أو صَرَفَها في مَصَارِفِها أو لم يَصْرِفْها؛ لما ذَكَرْنا عن الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّه عنهم، ولأنَّ الإمامَ نَائِبٌ عنهم شَرْعًا فبَرِئ بِدَفْعِها إليه، كوَلِيِّ اليَتيمِ إذا قَبَضَها له، ولا يَخْتَلِفُ المذهبُ أيضا في أنَّ صَاحِبَ المَالِ يجوزُ أن يُفرِّقَها بِنَفْسِه.

فصل: إذا أخَذَ الخَوارِجُ والبُغاةُ الزكاةَ، أجْزَأتْ عن صَاحِبِها. وحَكَى ابْنُ المُنْذِرِ عن أحمدَ، والشَّافِعِيِّ، وأبي ثَوْرٍ، في الخَوَارِجِ، أنَّه يُجْزِئُ. وكَذَلِكَ كُلُّ مَن أخَذَهَا من السَّلَاطِين، أجْزَأَتْ عن صَاحِبِها، سَوَاءٌ عَدَلَ فيها أو جارَ، وسَوَاءٌ أخَذَهَا قَهْرًا أو دَفَعَها إليه اخْتِيَارًا. قال أبو صالِحٍ: سَألتُ سَعْدَ بنَ أبِي وَقَّاصٍ، وابنَ عمرَ، وجَابِرًا، وأبا سَعيدٍ الخُدْرِيَّ، وأبا هُريرَةَ، فقلتُ: هذا السُّلْطَانُ يَصْنَعُ ما تَرَوْنَ، أفأدْفَعُ إليهم زَكَاتِي؟ فقالُوا كُلُّهُم: نعم. وقال إبراهيمُ: يُجْزِئُ عنك ما أخَذَ منك العَشَّارُونَ. وعن سَلَمَةَ بن الأكْوَعِ، أنه دَفَعَ صَدَقَتَه إلى نَجْدَةَ (٢٣). وعن ابنِ عمرَ، أَنَّه سُئِلَ عن مُصَدِّقِ ابنِ الزُّبَيْرِ، ومُصَدِّقِ نَجْدَةَ، فقال: إلى أيِّهِما دَفَعْتَ أجْزأَ عنك (٢٤). وبهذا قال أصْحابُ الرَّأْيِ فيما غُلِبُوا عليه. وقالوا: إذا مَرَّ على الخَوَارِجِ، فعَشَرُوهُ، لا يُجْزِئُ عن زَكَاتِه. وقال أبو عُبَيْدٍ في الخَوَارجِ يَأخُذُونَ الزكاةَ: علَى مَن أخَذُوا منه الإعَادَةَ؛ لأنَّهم ليسوا بأئِمَّةٍ، فأشْبَهُوا قُطَّاعَ الطَّريقِ (٢٥). ولَنا، قَوْلُ الصَّحابةِ، رَضِيَ اللهُ عنهم، من غيرِ خِلافٍ في عَصْرِهِمْ عَلِمْنَاهُ، فيكونُ إجْماعًا، ولأنَّه دَفَعَها إلى أهْلِ الوِلايَةِ،


(٢٢) سقط من: م.
(٢٣) أخرجه عبد الرزاق، في: باب موضع الصدقة ودفع الصدقة في مواضعها، من كتاب الزكاة. المصنف ٤/ ٤٨. وذكره أبو عبيد، في: الأموال ٥٧٤.
(٢٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب في الواليين يريدان الصدقة من الرجل، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ٢٢٣.
(٢٥) الأموال ٥٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>