للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أن لا يَضْمَنَا شيئا مِن ذلك، ولم يَحْصُلْ لهما بَدَلٌ عمَّا ضَمِنَا. وإن عَلِمَا أنَّها مَغْصُوبَةٌ اسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليهما (١٧)؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ تحتَ (١٨) أَيْديهِما من غير تَغْرِيرٍ بهما، فاسْتَقَرَّ الضَّمانُ عليهما، فإن غَرِمَا شيئا، لم يَرْجِعَا به. وإن غَرَّمَ الغاصِبَ، رَجَعَ عليهما؛ لأنَّ التَّلَفَ حَصَلَ في أَيْدِيهِما. وإن جَرَحَها الغاصِبُ، ثم أَوْدَعَها، أَو رَدَّها إلى مَالِكِها، فتَلِفَتْ بالجُرْحِ، اسْتَقَرَّ الضَّمانُ على الغاصِبِ بكلِّ حالٍ؛ لأنَّه هو المُتْلِفُ، فكان الضَّمَانُ عليه، كما لو باشَرَها بالإِتْلَافِ في يَدِه (١٩).

فصل: وإن أعَارَ العَيْنَ المَغْصُوبةَ، فتَلِفَتْ عند المُسْتَعِيرِ، [فلِلْمالِكِ تَضْمِينُ أيِّهما شَاءَ أَجْرَها وقِيمَتَها، فإن غَرَّمَ المُسْتَعِيرَ] (٢٠) مع عِلْمِه بالغَصْبِ، لم يَرْجِعْ على أحَدٍ، وإن غَرَّمَ الغاصِبَ رَجَعَ على (١٧) المُسْتَعِيرِ. وإن لم يكُنْ عَلِمَ بالغصْبِ، فَغَرَّمَهُ، لم يَرْجِعْ بقِيمَةِ العَيْنِ؛ لأنَّه قَبَضَها على أن تكونَ مَضْمُونَةً عليه. وهل يَرْجِعُ بما غَرِمَ من الأَجْرِ؟ فيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يَرْجِعُ؛ لأنَّه دَخَلَ على أن المَنَافِعَ له غيرَ مَضْمُونَةٍ عليه. والثانى، لا يَرْجِعُ؛ لأنَّه انْتَفَعَ بها، فقد اسْتَوْفَى بَدَلَ ما غَرِمَ، وكذلك الحُكْمُ فيما تَلِفَ من الأَجْزاءِ بالاسْتِعْمالِ. وإذا كانت العَيْنُ وَقْتَ القَبْضِ أَكْثَرَ قِيمَةً من يوم التَّلَفِ، فضَمِنَ الأَكْثَرَ، فيَنْبَغِى أن يَرْجِعَ بما بين القِيمَتَيْنِ؛ لأنَّه دَخَلَ على أنَّه لا يَضْمَنُه، ولم يَسْتَوْفِ بَدَلَه. فإن رَدَّها المُسْتَعِيرُ على الغاصِبِ، فلِلْمالِكِ أن يُضَمِّنَهُ أيضًا؛ لأنَّه فَوَّتَ المِلْكَ على مالِكِه بِتَسْلِيمِه إلى غيرِ مُسْتَحِقِّه. ويَسْتَقِرُّ الضَّمانُ على الغاصِبِ إن حَصَلَ التَّلَفُ في يَدَيْهِ، وكذلك الحُكْمُ في المُودعِ وغيرِه.

فصل: وإن وَهَبَ المَغْصُوبَ لِعَالِمٍ بالغَصْبِ، اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ على المُتَّهِبِ،


(١٧) سقط من: م.
(١٨) في ب: "في".
(١٩) في الأصل: "بدنه".
(٢٠) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>