للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخَرَّجَ أصْحابُنا وَجْهًا ثانيا؛ أَنَّ جميعَ الشُّهورِ مَحْسُوبةٌ بالعددِ. وهو قولُ ابنِ بنتِ الشافعىِّ؛ لأنَّه إذا حُسِبَ الأوَّلُ بالعَدَدِ، كان ابتْداءُ الثانى من بعضِ الشَّهْرِ، فيجبُ أن يُحْسَبَ بالعَدَدِ، وكذلك الثالثُ. ولَنا، أنَّ الشَّهْرَ يَقَعُ على ما بين الهِلَالَيْنِ وعلى الثلاثينَ، ولذلك إذا غُمَّ الشَّهْرُ كُمِّلَ ثلاثِينَ، والأصْلُ الهِلالُ، فإذا أمْكَنَ اعْتِبارُ الهِلَالِ، اعْتُبِرَ (٦)، وإذا تَعَذَّرَ، رُجِعَ (٧) إلى العَدَدِ. وفى هذا انْفِصالٌ عمَّا ذُكِرَ لأبى حنيفةَ. وأمَّا التَّخْرِيجُ الذى ذكَرْناه، فإنَّه لا يَلْزَمُ إتْمامُ الشَّهْرِ الأوَّلِ من الثانى، ويجوزُ أن يكونَ تَمامُه من الرَّابع.

فصل: وتُحْسَبُ (٨) العِدّةُ من السَّاعةِ التى فارَقَها زَوْجُها فيها، فلو فارَقَها نِصْفَ اللَّيلِ، أو نِصفَ النَّهارِ، اعْتَدّتْ من ذلك الوَقْتِ إلى مِثْلِه. فى قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وقال أبو عبدِ اللَّه ابنُ حامدٍ: لا تَحْتَسِبُ بالسَّاعاتِ، وإنَّما تَحْتَسِبُ بأَوَّلِ الليلِ والنهارِ، فإذا طَلَّقها نهارًا، احْتَسَبَتْ (٩) من أوَّلِ اللَّيلِ الذى يَلِيه، وإن (١٠) طَلَّقَها ليلًا، احتسبتْ بأوَّلِ النهارِ الذى يَلِيه. وهذا قولُ مالكٍ؛ لأنَّ حِسابَ السَّاعاتِ يَشُقُّ، فسَقَطَ اعْتِبارُه. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُر}. فلا تجوزُ الزِّيادةُ عليها بغيرِ دليلٍ، وحِسابُ السَّاعاتِ مُمْكِنٌ، إمَّا يَقينًا، وإمَّا اسْتِظْهارًا، فلا وَجْهَ للزِّيادةِ على ما أوْجَبَهُ اللَّه تعالى.

١٣٤٣ - مسألة؛ قال: (والْأَمَة شَهْرَانِ)

اخْتَلفتِ الرِّوايَاتُ (١) عن أبى عبدِ اللَّه فى عِدَّةِ الأمةِ، فأكْثَرُ الرِّواياتِ عنه، أنَّها


(٦) فى أ، م: "اعتبروا".
(٧) فى م: "رجعوا".
(٨) فى م: "وتجب".
(٩) فى الأصل: "احتسب".
(١٠) فى ب: "وإذا".
(١) فى الأصل، ب: "الرواية".

<<  <  ج: ص:  >  >>