للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَعِيرِ، ولو مَرَّ بين يَدَيْه [لم يَدَعْهُ] (٣٢)، ولهذا مَنَعَ البَهِيمَةَ من المُرُورِ. وكان ابنُ عمرَ يقول لِنَافِعٍ: وَلِّنِى ظَهْرَكَ (٣٣). لِيَسْتَتِرَ به مِمَّن يَمُرُّ بين يَدَيْه. وقَعَدَ عمرُ بين يَدَىِ المُصَلِّى يَسْتُرُه من المُرُورِ (٣٤). فدَلَّ على أنَّ الوُقُوفَ ليسَ في حُكْمِ المُرُورِ، فلا يُقَاسُ عليه. وقولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يَقْطَعُ الصَّلَاةَ". لا بُدَّ فيه من إضْمَارِ المُرُورِ أو غيرِه، [فإنَّه لا يقْطَعُها إلَّا الفِعْلُ يفْعَلُه، فلا بُدَّ مِن إضْمارِ ذلك الفعلِ، وقد جاء في بعض الأخبارِ ذِكْرُ المُرورِ] (٣٥). فيَتَعَيَّنُ حَمْلُه عليه.

فصل: ومَن صَلَّى إلى سُتْرَةٍ، فَمَرَّ من وَرَائِها ما يَقْطَعُ الصلاةَ، لم تَنْقَطِعْ. وإن مَرَّ من وَرَائِها غيرُ ما يَقْطَعُها، لم يُكْرَه؛ لما مَرَّ من الأحادِيث. وإن مَرَّ بينه وبينها، قَطَعَها إن كان ممَّا يَقْطَعُها، [وكُرِهَ إنْ كان ممَّا لا يقْطَعُها] (٣٦). وإن لم يَكُنْ بين يَدَيْهِ سُتْرَةٌ، فمَرَّ بين يَدَيْهِ قرِيبًا منه ما يَقْطَعُها، قَطَعَها، وإن كان (٣٧) ممَّا لا يَقْطَعُها، كُرِهَ، وإن كان بَعِيدًا، لم يَتَعَلَّقْ به حُكْمٌ. ولا أعْلَمُ أحَدًا من أهْلِ العِلْمِ حَدَّ البَعِيدَ من ذلك ولا القَرِيبَ، إلَّا أنَّ عِكْرِمَةَ، قال: إذا كان بَيْنَكَ وبينَ الذي يَقْطَعُ الصَّلَاةَ قَذْفَةُ الحَجَرِ (٣٨)، لم يَقطَعِ الصلاةَ. وقد رَوَى عَبْدُ بنُ حُمَيْدٍ، في "مُسْنَدِه"، وأبو دَاوُدَ في "سُنَنِه"، عن عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: أحْسَبُه عن رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنه قال: "إذا صَلَّى أحَدُكُمْ إلى غَيْرِ سُتْرَةٍ، فَإنَّه يَقْطَعُ صَلَاتَه الكَلْبُ، والحِمَارُ، والخِنْزِيرُ، والمَجُوسِىُّ، واليَهُودِيُّ، والمَرْأَةُ، ويُجْزِئُ عَنْهُ إذَا مَرُّوا بَيْنَ يَدَيْهِ قَذْفَةٌ بِحَجَرٍ" (٣٩). هذا لَفْظُ رِوَايَةِ أبى


(٣٢) سقط من: ا، م.
(٣٣) تقدم في صفحة ٨٥.
(٣٤) تقدم في صفحة ٨٥.
(٣٥) سقط من: م.
(٣٦) سقط من: ا، م.
(٣٧) في أ، م: "كانت".
(٣٨) في أ، م: "بحجر".
(٣٩) أخرجه أبو داود، في: باب ما يقطع الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>