للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجانِبَيْنِ، تَعارضَتِ الحُجَّتانِ؛ لِتَعَذُّرِ الجَمْعِ بينهما، وأمَّا [الشَّاهِدُ الواحدُ، فليسَ بحُجَّةٍ وَحْده، وإنَّما يصيرُ حُجَّةً مع اليَمِينِ، فإذا حَلَفَ مع أحدِهما كَمَلَتِ الحُجَّة بيمِينِه، ولم] (١١) يُعارِضْهما ما ليس بحُجَّةٍ، كما لو شَهِدَ بأحدِهما شاهِدَان، وبالآخَرِ شاهِدٌ واحدٌ.

١٩٢٦ - مسألة؛ قال: (وَمَن ادَّعَى شَهَادَةَ عَدْلٍ، فَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَهُ، ثُمَّ شَهِدَ بِهَا بَعْدَ ذَلِك وَقَالَ: كُنْتُ أَنْسِيتُهَا. قُبِلَتْ مِنْهُ)

وجملة ذلك أَنَّ العَدْلَ إذا أنْكَرَ أن تكونَ عندَه شهادة، ثم شَهِدَ بها، وقال: كنتُ أُنْسِيتُها. قُبِلَتْ، ولم تُرَدَّ شهادتُه. وبهذا قال الثَّورىُّ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ. ولا أعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ وذلك لأنَّه يجوزُ أن يكونَ نَسِيَها، وإذا كان ناسيًا لها، فلا شَهادةَ عندَه، فلا نُكَذِّبهُ مع إمْكانِ صِدْقِه. ولا يُشْبِهُ هذا [ما إذا] (١) قال: لا بَيِّنَةَ لى. ثم أتَى ببَيِّنَةٍ، حيثُ لا تُسْمَعُ؛ فإِنَّ ذلك إقْرارٌ منه على نَفْسِه بعَدَمِ البَيِّنَةِ، والإنسانُ يُؤاخَذُ بإقْرارِه، وقولُ الشَّاهدِ: لا شهادةَ عندِى. ليس بإقْرارٍ؛ فإِنَّ الشهادةَ ليستْ له، إنَّما هى حَقٌّ عليه، فيكونُ مُنْكِرًا لها، فإذا اعْتَرَفَ بها، كان إقْرارًا بعدَ الإِنْكارِ، وهو مَسْمُوعٌ، بخلافِ الإِنْكارِ بعَد الإِقْرارِ (٢)، ولأنَّ النَّاسِىَ للشَّهادةِ [لا شَهادةَ] (٣) له (٤) عندَه، فهو صادِقٌ فى إنْكارِه، فإذا ذكَرَها، صارَتْ عندَه، فلا تَنافِىَ بينَ القَوْليْنِ، وصارَ هذا كمَن أنْكَرَ أن يكونَ عندَه شهادة قبلَ أن يُسْتَشْهَدَ، [ثم اسْتُشْهِدَ] (٣) بعدَ ذلك، فصارَتْ عندَه، بخلافِ مَن أنْكَرَ أَنَّ له بَيِّنَةً، [فإنه لا يَخْرُجُ عن أَنْ يكونَ له بَيِّنَةٌ] (٥) بِنِسْيانِها.

١٩٢٧ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ شَهِد بِشَهَادَةٍ، يَجُرُّ إِلَى نَفْسِهِ بَعْضَهَا، بَطَلَتْ


(١١) سقط من: ب.
(١) فى م: "إذا ما".
(٢) فى م: "الإنكار".
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) سقط من: ب.
(٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>