للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلَغنا أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنكرهُ [ولا أحدٌ مِن أصْحابِه] (٣٩)؛ ولأنَّ ما صَحَّتِ الصلاةُ مع كثيرِهِ حالَ العُذْرِ، فُرِّقَ بين قَلِيلِهِ وكثيرِهِ في غيرِ حالِ العُذْرِ، كالمَشْىِ، ولأنَّ الاحْتِرَازَ مِن اليَسِيرِ يَشُقُّ، فَعُفِىَ عنهُ كيسِيرِ الدَّمِ.

إذا ثَبَتَ هذا فإنَّ حدَّ الكثيرِ ما فَحُشَ في النظرِ، ولا فَرْقَ في ذلكَ بين الفَرْجَيْنِ وغيرِهما. واليَسِيرُ ما لا يَفْحُشُ، والمَرْجِعُ في ذلكَ إلى العادةِ، [إلَّا أنَّ المُغَلَّظَةَ يفْحُشُ منها ما لا يفْحُشُ مِن غيرِها، فيُعْتَبَرُ ذلك في المانِعِ من الصلاةِ.] (٤٠) وقال أبو حنيفةَ: إنِ انْكشفَ مِن المُغَلَّظَةِ قدرُ الدِّرْهَمِ أو مِنَ المُخَفَّفَةِ (٤١) أقلُّ مِنْ رُبْعِهَا، لم تَبْطُلِ الصلَّاةُ (٤٢). وإنْ كانَ أكثَرَ، بَطَلَتْ. ولَنا، أنَّ هذا [تقديرٌ لمْ يَرِد الشَّرْعُ به] (٤٣)، [فَلا يجوزُ المصيرُ إليه، ولأنَّ ما لم يَرِدِ الشَّرْعُ بتْقديرِهِ يُرَدُّ] (٤٤) إلى العُرْفِ، كالكثِيرِ مِن العملِ في الصَّلاةِ، والتَّفَرُّق والإِحْراز (٤٥)، والتَّقْدِيرُ بالتَّحَكُّمِ مِنْ غيرِ دليلٍ لا يَسُوغُ.

فصل: فإن انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ عن غيرِ عَمْدٍ، فسَتَرَهَا في الحالِ، مِن غيرِ تَطَاوُلِ الزَّمانِ، لم تبطُلْ؛ لأنَّه يَسِيرٌ [مِن الزمانِ] (٤٦)، أشْبهَ اليَسِيرَ في القَدْرِ. وقالَ [أبو الحسن] (٤٧) التَّمِيمِىُّ، [في "كتابِهِ"] (٤٨): إنْ بدتْ عورتُه وقتًا واسْتَتَرَتْ وقتًا، فلا إعادةَ عليهِ؛ لحدِيثِ عمرِو بنِ سَلِمَةَ. ولم يَشْتَرِط اليَسِيرَ، ولا بُدَّ


(٣٩) سقط من: م.
(٤٠) سقط من: م.
(٤١) في الأصل: "غيرها".
(٤٢) سقط من: م.
(٤٣) في م: "شيء لم يرد الشرع بتقديره".
(٤٤) في م: "فرجع فيه".
(٤٥) في م: "والاحتراز".
(٤٦) سقط من: الأصل.
(٤٧) سقط من: م.
(٤٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>