للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٧٣٢ - مسألة؛ قال: (وَذَبِيحَةُ مَنْ أَطَاقَ الذَّبْحَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وأَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ، إِذَا سَمَّوْا، أو نَسُوا التَّسْمِيَةَ)

وجُمْلَةُ ذلك أَنَّ كُلَّ مَنْ أَمْكَنَه الذَّبْحُ مِن المسلمين وأَهْلِ الكتابِ، إذا ذَبَحَ، حَلَّ (١) أَكْلُ ذَبِيحَتِه، رَجُلًا كان أو امْرأَةُ، بالِغًا أو صَبِيًّا، حُرًّا (٢) أو عَبْدًا، لا نَعْلَمُ فى هذا خِلافًا. قال ابنُ المُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نحفظُ عنه من أهلِ العِلْمِ، على إباحَةِ ذَبِيحَةِ المَرْأَةِ والصَّبِىِّ. وقد رُوِىَ أنّ جاريَةً لكَعْبِ بن مالِكٍ، كانت تَرْعَى غَنَمًا بسَلْعَ (٣)، فأُصِيبَت شاةٌ منها، فأَدْرَكَتْها فذَكَّتْها بحَجَرٍ، فسألَ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "كُلُوهَا". مُتَّفَقٌ عليه (٤). وفى هدا الحديثِ فوائِدُ سَبْعٌ، أحدُها، إباحَةُ ذَبيحَةِ المَرْأَةِ. والثانية، إباحَةُ ذَبيحَةِ الأَمَةِ. والثالِثَةُ، إباحَةُ ذَبِيحَةِ الحائِضِ؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَسْتَفْصِلْ. والرابِعَةُ، إباحَةُ الَذَّبْحِ بالحَجَرِ. والخامِسَةُ، إباحَةُ ذَبحِ ما خِيفَ عليه الموتُ. السادِسَةُ، حِلُّ ما يَذْبَحُه غيرُ مالِكِه بغيرِ إذْنِه. السابِعَةُ، إباحَةُ ذَبْحِه لغيرِ مالِكِه عندَ الخَوْفِ عليه. ويشترطُ أَنْ يكونَ عاقِلًا، فإنْ كان طِفْلًا، أو مَجْنُونًا، أو سَكْرانَ لا يَعْقِلُ، لم يَصِحَّ منه الذَّبْحُ. وبهذا قال مالِكٌ. وقال الشافِعِىُّ: لا يُعْتَبَرُ العقلُ. وله فيما إذا أرْسَلَ المجنونُ الكلبَ على صَيْدٍ وَجْهان. ولَنا، أَنَّ الذَّكاةَ يُعْتَبَرُ لها القَصْدُ، فيُعْتبَرُ لها العَقْلُ، كالعبادَةِ، فإنَّ مَنْ لا عَقْلَ له لا يَصِحُّ منه القَصْدُ، فيصيرُ ذَبْحُه كما لو وَقَعَت الحَدِيدَةُ بنَفْسِها على حَلْقِ شاةٍ فذَبَحَتْها. وقولُه: إذا سَمَّوْا أو نَسُوا التَّسْمِيَةَ. فالتَّسْمِيَةُ مُشْتَرَطَةٌ فى كلِّ ذابِح مع العَمْدِ، سَواءٌ كان مسلمًا أو كتابِيًّا، فإنْ تَرَكَ الكتابِىُّ التَّسْمِيَةَ عن عَمْدٍ، أو ذكرَ اسمَ غيرِ اللَّهِ، لم تَحِلَّ


(١) فى الأصل: "حلال".
(٢) فى ب، م زيادة: "كان".
(٣) سلع: جبل فى المدينة.
(٤) أخرجه البخارى، فى: باب إذا أبصر الراعى أو الوكيل شاة تموت. . .، من كتاب الوكالة، وفى: باب ما أنهر الدم من القصب والمروة، وباب ذبيحة المرأة والأمة، من كتاب الذبائح والصيد. صحيح البخارى ٣/ ٣٠، ٧/ ١١٩.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب ذبيحة المرأة، من كتاب الذبائح. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٦٢. والدارمى، فى: باب ما يجوز به الذبح، من كتاب الأضاحى. سنن الدارمى ٢/ ٨٢. والإِمام مالك، فى: باب ما يرز من الذكاة فى حال الضرورة، من كتاب الذبائح. الموطأ ٢/ ٤٨٩. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٧٦، ٨٠، ٦/ ٣٨٦.
وليس فى مسلم. انظر: الإرواء ٨/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>