للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شُرْبُه؛ لأنَّ لحمَ الحَيَّةِ حَرامٌ. وممَّن كَرِهَه الحسنُ، وابنُ سِيرِينَ. ورَخَّصَ فيه الشَّعْبِىُّ، ومالِكٌ؛ لأنَّه يَرَى إباحَةَ لُحوم الحَيَّاتِ. ويَقْتَضِيه مَذْهَبُ الشَّافِعِى؛ لإِباحَتِه التَّداوِيَ ببعض المُحَرَّماتِ. ولَنا (٢)، أَنّ لحمَ الحَيَّةِ (٣) حرامٌ، بما قد ذَكَرْناه فيما مَضَى (٤). ولا يجوزُ التَّدَاوِى بمُحَرَّمٍ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّه لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِى فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا" (٥).

فصل: ولا يجوزُ التَّداوِى بمُحَرَّمٍ، ولا بِشَىْءٍ (٦) فيه مُحَرَّمٌ، مثل ألْبانِ الأُتُنِ، ولحمِ شَىْءٍ من المُحرَّماتِ، ولا شُرْبِ الخمرِ للتَّداوِى به؛ لما ذَكَرْنا من الخبرِ، ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذُكِرَ له النَّبِيذُ يُصْنَعُ للدَّواءِ فقال: "إنَّه لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلكِنَّهُ دَاءٌ" (٥).

فصل: ويجوزُ أَكْلُ الأَطْعِمَة التى فيها الدُّودُ والسُّوسُ، كالفَواكِهِ، والقِثَّاءِ، والْخِيارِ، والبِطِّيخِ، والحبوب، والخَلِّ، إذا لم تَقْذَرْه نفسُه، وطابَتْ به؛ لأنَّ التَّحَرُّزَ من ذلك يشُقُّ. ويجوزُ أكلُ العسَل بقَشِّه وفيه فِرَاخٌ؛ لذلك، وإن نَقَّاه فحَسَنٌ، فقد رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه أُتِىَ بتَمْرٍ عَتِيقٍ، فجعلَ يُفَتِّشُه، ويُخْرِجُ السُّوسَ منه، ويُنَقِّيهِ (٧). وهذا أحْسَنُ.

١٧٤٥ - مسألة؛ قال: (وَلَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ إِذَا رُمِىَ بِسَهْمٍ مَسْمُومٍ، إِذَا عُلِمَ أَنَّ السَّمَّ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ)

إنّما كانَ كذلك؛ لأنَّ ما قَتَلَه السَّمُّ مُحَرَّمٌ، وما قَتَلَه السَّهْمُ وحدَه مُباحٌ، فإذا ماتَ بسبَبِ مُبِيحٍ ومُحَرِّمٍ، حَرُمَ، كما لو ماتَ برَمْيَةِ مُسْلِمٍ ومَجُوسِىٍّ، أو قتَلَ الصَّيْدَ كلبٌ مُعَلَّمٌ وَغيرُه، أو وَجَدَ مع كلبِه كلبًا لا يعْرِفُ حالَه، أو رَمَى صَيْدًا بسَهْمٍ، فوجَدَه غَرِيقًا فى


(٢) فى أ: "وأما".
(٣) فى م: "الحيات".
(٤) تقدم فى صفحة ٣١٧.
(٥) تقدم تخريجهما فى: ١٢/ ٥٠٠.
(٦) فى أ، ب، م: "شىء".
(٧) أخرجه أبو داود، فى: باب فى تفتيش التمر المسوس. . .، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٢٦. وابن ماجه، فى: باب تفتيش التمر، من كتاب الأطعمة. سنن ابن ماجه ٢/ ١١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>