للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقْبَلوهُ ههُنا؟ قُلْنا: لأنَّ المُولِىَ والعِنِّينَ يَدَعِيَانِ ما يُبْقِى النِّكَاحَ على الصِّحَّةِ، ويَمْنَعُ فَسخَهُ، والأصْلُ صحَّةُ العَقْدِ وسَلَامَتُه، فكان قَوْلُهما مُوافِقًا لِلْأَصْلِ، فقُبِلَ، وفى مَسْأَلَتِنَا قد وَقَعَ ما يَرْفَعُ النِّكاحَ ويُزِيلُهُ، وهو ما وَالَى بَيْنُونَةً، وقد اخْتَلَفَا فيما يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلاقِ ويُثْبتُ له الرَّجْعَةَ، والأصْلُ عَدَمُ ذلك، فكان قَوْلُه مُخَالِفًا لِلْأَصْلِ، فلم يُقْبَلْ، ولِأَنَّ المُولِىَ والعِنِّينَ يَدَّعِيَانِ الإِصابَةَ فى مَوْضِعٍ تَحَقَّقَتْ فيه الخَلْوَةُ والتَّمْكِينُ مِنَ الْوَطْءِ؛ لأنَّهُ لو لم يُوجَدْ ذلك لَمَا اسْتَحَقَّتَا الفَسْخَ بعَدَمِ (٣٠) الوَطْءِ، فكان الاخْتِلافُ فيما يَخْتَصُّ به، وفى مَسْألَتِنا لَم تَتَحَقَّقْ خَلْوَةٌ ولا تَمْكِينٌ؛ لأنَّهُ لو تَحَقَّقَ ذلك لَوَجَبَ المَهْرُ كامِلًا، فكان الاخْتِلافُ فى أمْرٍ ظاهِرٍ لا يَخْتَصُّ به، فلم يُقْبَلْ فيه قَوْلُ مُدَّعِيه إِلَّا بِبَيِّنَةٍ. وهل يُشْرَعُ اليَمِينُ فى حَقِّ مَنِ القَوْلُ قَوْلُهُ ههُنا؟ على وَجْهَيْنِ.

فصل: والخَلْوَةُ كالْإِصابةِ، فى إِثْباتِ الرَّجْعَةِ لِلزَّوْجِ على المَرْأَةِ التى خَلَا بها، فى ظاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِىِّ؛ لِقَوْلِه: حُكْمُهَا حُكْمُ الدُّخُولِ فى جَمِيعِ أُمُورِها. وهذا قَوْلُ الشَّافِعِىِّ، فى (٣١) القَديمِ. وقال أبو بكرٍ: لا رَجْعَةَ له عليها إِلَّا أَنْ يُصِيبَها وبه قال النُّعْمانُ، وصَاحِبَاهُ، والشَّافِعِىُّ فى الجَدِيدِ؛ لأنَّها غيرُ مُصَابَةٍ، فلا تَسْتَحِقُّ رَجْعَتَها، كغيرِ التى خَلَا بها. ولنا، قَوْلُه تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ}. إلى قَوْلِهِ: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ} (٣٢). ولأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلَاقٍ لا عِوَضَ فيه، ولم تَسْتَوْفِ عَدَدَهُ، فَثَبَتَتْ عليها الرَّجْعَةُ كالمُصَابَةِ، ولأنَّها مُعْتَدَّةٌ يَلْحَقُها طَلَاقُهُ، فمَلَكَ رَجْعَتَها، كالَّتِى أصابَها. وفارَقَ التى لم يَخْلُ بها، فإنَّها بائِنٌ منه لا عِدَّةَ لها، ولا يَلْحَقُها طَلاقُه، وإنَّما تكونُ الرَّجْعَةُ لِلْمُعْتَدَّةِ التى يَلْحَقُها طَلاقُه.

فصل: وإِنْ ادَّعَى زَوْجُ الأَمَةِ بعدَ عِدَّتِها أنَّه كان راجَعَها فى عِدَّتِها (٣٣)، فَكَذَّبَتْه


(٣٠) فى أ، م: "بعد".
(٣١) سقط من: الأصل.
(٣٢) سورة البقرة ٢٢٨.
(٣٣) فى م: "عدته".

<<  <  ج: ص:  >  >>