للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٨٦ - مسألة؛ قال أبو القاسِمِ: (وتَجُوزُ الْمُسَاقاةُ فِي النَّخْلِ والشَّجَرِ والكَرْمِ بجُزْءٍ مَعْلُومٍ، يُجْعَلُ للعامِلِ مِنَ الثَّمَرِ)

وجملُة ذلك أنَّ المُساقاةَ جائِزَةٌ في جَمِيعِ الشَّجَرِ المُثْمِرِ. هذا قولُ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِينَ، رَضِى اللهُ عنهم. وبه قال سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، وسالِمٌ (١)، ومالِكٌ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزاعِىُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وقال داوُدُ: لا يجوزُ إلَّا في النَّخِيلِ؛ لأنَّ الخبَرَ إنَّما وَرَدَ بها فيه. وقال الشافِعِىُّ: لا يجوزُ إلَّا في النَّخِيلِ والكَرْمِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ تَجِبُ في ثَمَرَتِهما (٢)، وفى سائِر الشَّجَرِ قَوْلانِ؛ أحدُهما، لا يجوزُ فيه؛ لأنَّ الزَّكاةَ لا تَجِبُ في نَمَائِه، فأشْبَهَ ما لا ثَمَرةَ له. وقال أبو حنيفةَ، وزُفَرُ: لا تجوزُ بحالٍ؛ لأنَّها إجَارَةٌ بثَمَرَةٍ لم تُخْلَقْ، أو إجَارَةٌ بثَمَرةٍ مَجْهُولةٍ، أشْبَهَ إجَارَةَ نَفْسِه بثَمَرَةِ غيرِ الشَّجَرِ الذي يَسْقِيه. ولَنا، السُّنَّةُ، والإِجْماعُ، ولا يجوزُ التَّعْوِيلُ على ما خَالَفَهُما. وقولُهم: إنَّها إجارَةٌ. غيرُ صَحِيحٍ، إنَّما هو عَقْدٌ على العَمَلِ في المالِ ببعضِ نَمَائِه، فهى (٣) كالمُضَارَبةِ. ويَنْكَسِرُ ما ذَكَرُوه بالمُضَارَبةِ؛ فإنَّه يَعْمَلُ في المالِ بِنَمائِه، وهو مَعْدُومٌ مَجْهُولٌ، وقد جازَ بالإِجْماعِ، وهذا في مَعْناه. ثم قد جَوَّزَ الشارِعُ العَقْدَ في الإِجَارَةِ على المَنافِعِ المَعْدُومةِ للحَاجَةِ، فلِمَ لا يجوزُ على الثمرَةِ المَعْدُومةِ للحاجَةِ، مع أنَّ القِيَاسَ إنَّما يكونُ في إلْحَاقِ المَسْكُوتِ عنه بالمَنْصُوصِ عليه، أو المُجْمَعِ عليه، فأمَّا في إبْطالِ نَصٍّ، وخَرْقِ إجْماعٍ بقِيَاسِ نَصٍّ آخَرَ، فلا سَبِيلَ إليه. وأمَّا تَخْصِيصُ ذلك بالنَّخِيلِ، أو به وبالكَرْمِ، فيُخَالِفُ عُمُومَ قولِه: عامَلَ رسولُ اللهِ


(١) سقط من: ب.
(٢) في الأصل، م: "ثمرتها".
(٣) في ب، م: "فهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>