للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يَعْتَكِفْ؛ لأنَّ تَرْكَ الاعْتِكافِ أَوْلَى من فِعْلِ المَنْهِىِّ عنه. قال أبو طالِبٍ: سألتُ أحمدَ عن المُعْتَكِفِ يَعْمَلُ عَمَلَهُ من الخيَّاطِ وغيره؟ قال: ما يُعْجِبُنِى أن يَعْمَلَ. قلتُ: إن كان يَحْتاجُ؟ قال: إن كان يَحْتاجُ لا يَعْتَكِفُ.

فصل: إذا خَرَجَ لما له منه بُدٌّ عَامِدًا، بَطَلَ اعْتِكافُه، إلَّا أن يكونَ اشْتَرَطَ. وإن خَرَجَ نَاسِيًا، فقال القاضى: لا يَفْسُدُ اعْتِكافُه؛ لأنَّه فَعَلَ المَنْهِىَّ عنه نَاسِيًا، فلم تَفْسُدِ العِبادَةُ، كالأَكْلِ فى الصومِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَفْسُدُ؛ لأنَّه تَرْكٌ للاعْتِكافِ، وهو لُزُومُ المسجدِ (٦)، وتَرْكُ الشَّىءِ عَمْدُه وسَهْوُه سَوَاءٌ، كتَركِ النِّيَّةِ فى الصَّوْمِ. فإن أخْرَجَ بعضَ جَسَدِه، لم يَفْسُد اعْتِكافُه، عَمْدًا كان أو سَهْوًا؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُخْرِجُ رَأْسَهُ من المسجدِ وهو مُعْتَكِفٌ إلى عَائِشَةَ فتَغْسِلُه وهى حَائِضٌ. مُتَّفَقٌ عليه (٧).

فصل: ويجوزُ لِلْمُعْتَكِفِ صُعُودُ سَطْحِ المسجدِ؛ لأنَّه من جُمْلَتِه، ولهذا يُمْنَعُ الجُنُبُ من اللَّبْثِ فيه. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، ومالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. ولا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا. ويجوزُ أن يَبِيتَ فيه. وظاهِرُ كَلَامِ الخِرَقِىِّ أنَّ رَحْبَةَ المَسْجِدِ ليستْ منه، وليس لِلْمُعْتَكِفِ الخُرُوجُ إليها، لِقَوْلِه فى الحائِضِ: يُضْرَبُ لها خِبَاءٌ فى


(٦) فى ب، م: "للمسجد".
(٧) أخرجه البخارى، فى: باب مباشرة الحائض، من كتاب الحيض. وفى: باب غسل المعتكف، وباب المعتكف يدخل على رأسه البيت للغسل، من كتاب الاعتكاف. صحيح البخارى ١/ ٨٢، ٣/ ٦٣، ٦٧. ومسلم، فى: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها. . .، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٤٤.
كما أخرجه النسائى، فى: باب غسل الحائض رأس زوجها، من كتاب الحيض. المجتبى ١/ ١٥٩. وابن ماجه، فى: باب الحائض تتناول الشيء من المسجد، من كتاب الطهارة. وفى: باب ما جاء فى المعتكف يغسل رأسه ويرجله، من كتاب الصِّيام. سنن ابن ماجه ١/ ٢٠٨، ٥٦٥. والدارمى، فى: باب الحائض تمشط زوجها، من كتاب الطهارة. سنن الدارمى ١/ ٢٤٦. والإِمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٢، ١٨٩، ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>