للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وتَصِحُّ المُساقاةُ على البَعْلِ من الشَّجَرِ، كما تجوزُ فيما يَحْتاجُ إلى سَقْي. وبهذا قال مالِكٌ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلَافًا عندَ من يُجَوِّزُ المُسَاقاةَ؛ لأنَّ الحاجَةَ [تَدْعُو إلى المُعَامَلةِ في] (٣٨) ذلك، كَدُعَائِها إلى المُعَامَلَةِ في غيرِه، فيُقَاسُ عليه، وكذلك الحُكْمُ في المُزَارَعةِ.

فصل: ولا تَصِحُّ المُساقاةُ (٣٩) إلَّا على شَجَرٍ مَعْلُومٍ بالرُّؤُيَةِ، أو بالصِّفَةِ التي لا يُخْتَلَفُ معها، كالبَيْعِ. فإن سَاقاهُ [على بُسْتانٍ بغيرِ رُؤْيةِ ولا صِفَةٍ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه عَقْدٌ على مَجْهُولٍ. فلم يَصِحَّ، كالبَيْعِ. وإن سَاقاهُ] (٤٠) على أحَدِ هذَيْنِ الحائِطَيْنِ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّها مُعَاوَضَةٌ يَخْتَلِفُ الغرَضُ فيها بِاخْتِلَافِ الأَعْيانِ، فلم يَجُزْ على غيرِ مُعَيَّنٍ، كالبَيْعِ.

فصل: وتَصِحُّ المُساقاةُ بِلَفْظِ المُسَاقاةِ، وما يُؤَدِّى مَعْناها من الألْفاظِ، نحو: عامَلْتُكَ، وفَالَحْتُكَ، واعْمَلْ في بُسْتَانِى هذا حتى تَكْمُلَ ثَمَرَتُه، وما أشْبه هذا؛ لأنَّ القَصْدَ المَعْنَى، فإن أَتَى به بأيِّ (٤١) لَفظٍ دَلَّ عليه، صَحَّ، كالبَيْعِ. وإن قال: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَعْمَلَ لي في هذا الحائِطِ، حتى تَكْمُلَ ثَمَرَتُه، بِنِصْفِ ثَمَرتِه. ففيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا يَصِحُّ. ذَكَرَه أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّ الإِجَارَةَ يُشْتَرَطُ لها كَوْنُ العِوَضِ مَعْلُومًا، والعَمَلِ مَعْلُومًا، وتكونُ لازِمَةً، والمُسَاقَاةُ بِخِلَافِه. والثاني، يَصِحُّ. وهو أقيَسُ؛ لأنَّه مُؤَدٍّ لِلْمَعْنَى، فصَحَّ به العَقْدُ، كسائِر الألْفاظِ المُتَّفَقِ عليها. وقد ذَكَرَ أبو الخطَّابِ أنَّ مَعْنَى قولِ أحمدَ: تجوزُ إجَارَةُ الأرْضِ بِبَعْضِ الخارِجِ منها. المُزَارَعَةُ، على أن البَذْرَ والعَمَلَ من العامِلِ. وما ذُكِرَ من شُرُوطِ الإِجَارَةِ، إنَّما يُعْتَبَرُ في


(٣٨) في الأصل: "تدعوه إلى المعاملة في". وفى ب: "تدعو في المعاملة إلى".
(٣٩) في م زيادة: "إلى".
(٤٠) سقط من: ب. نقلة نظر.
(٤١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>