للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لو قال له: أنا أَعْمَلُ فيه بغير شيءٍ. وذَكَرَ أَصْحَابُنا وَجْهًا آخَرَ، أنَّه يَسْتَحِقُّ أجْرَ مِثْلِه؛ لأنَّ المُساقَاةَ تَقْتَضِى عِوَضًا، فلا تَسْقُطُ بِرِضَاهُ بإسْقَاطِه، كالنِّكَاحِ، ولم يُسَلَّمْ له العِوَضُ، فيكونُ له أَجْرُ مِثْلِه. ولَنا، أنَّه عَمِلَ في مالِ غيرِه مُتَبَرِّعًا، فلم يَسْتَحِقَّ عِوَضًا، كما لو لم يَعْقِد المُسَاقاةَ. ويُفَارِقُ النِّكاحَ لِوَجْهَيْنِ؛ أحَدهما، أنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ صَحِيحٌ. فوَجَبَ به العِوَضُ لِصِحَّتِه، وهذا فاسِدٌ، لا يُوجِبُ شيئًا. والثاني، أنَّ الأبْضَاعَ لا تُسْتَباحُ بالبَذْلِ والإِبَاحَةِ، والعَمَلُ ههُنا يُسْتَبَاحُ بذلك، ولأنَّ المَهْرَ في النِّكَاحِ لا يَخْلُو من أن يكون واجِبًا بالعَقْدِ، أو بالإِصَابةِ، أو بهما، فإنَّ وَجَبَ بالعَقْدِ، لم يَصِحَّ قِياسُ هذا عليه، لِوَجْهَيْنِ؛ أحَدهما، أنَّ النِّكاحَ صَحِيحٌ، وهذا فاسِدٌ. والثاني، أن العَقْدَ ههُنا [لا يُوجِبُ، ولو أَوْجَبَ] (٣٢) لأَوْجَبَ قبلَ العَمَلِ. ولا خِلَافَ أنَّ (٣٣) هذا لا يُوجبُ (٣٤) قبلَ العَمَلِ شَيْئًا، وإن أوْجَبَ (٣٥) بالإِصَابةِ، لم يَصِحَّ القِيَاسُ عليها لِوَجْهَيْنِ؛ أَحَدهما، أنَّ الإِصَابةَ لا تُسْتَباحُ بالإِبَاحَةِ والبَذْلِ، بخِلَافِ العَمَلِ. والثاني، أنَّ الإِصَابةَ لو خَلَتْ عن العَقْدِ لأَوْجَبَتْ، وهذا بخِلَافِه. وإن وَجَبَ (٣٦) بهما امْتَنَعَ القِيَاسُ لهذه الوُجُوهِ كلِّها. فأمَّا إن سَاقَى أحَدُهُما شَرِيكَه على أن يَعْمَلَا معًا، فالمُساقاةُ فاسِدَةٌ، والثَّمَرَةُ بينهما على قَدْرِ مِلْكَيْهِما، ويتَقَاصَّانِ العَمَلَ إن تَسَاوَيَا فيه، وإن كان لأَحَدِهِما فَضْلٌ نَظَرْتَ؛ فإن كان قد شُرِطَ له (٣٤) فَضْلٌ مَّا في مُقَابَلَةِ عَمَلِه، اسْتَحَقَّ ما فَضَلَ له من أجْرِ المِثْلِ، وإن [لم يُشْرَطْ] (٣٧)، له شيءٌ، فلا شىءَ له إلَّا على الوَجْهِ الذي ذَكَرَهُ أصْحَابُنا، وتَكَلَّمْنا عليه.


(٣٢) سقط من: الأصل.
(٣٣) في ب: "في".
(٣٤) سقط من: ب.
(٣٥) في ب، م: "وجب".
(٣٦) في الأصل: "وجبت".
(٣٧) في ب: "يكن شرط". وفي م: "لم يشترط".

<<  <  ج: ص:  >  >>